الظهر ما لم يدخل وقت العصر، وتأخير العصر ما لم تغرب الشمس، والعشاء إلى نصف الليل، كما تقدّم تحقيق ذلك كلّه.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "الوقت بين هذين"، وقوله:"وقت صلاتكم بين ما رأيتم"، وكذلك في حديث جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامْ-: "الوقت بين هذين"، هي كلّها حجة لمالك وأصجابه على قولهم: إن الوقت الموسّع كلّه للوجوب من أوله إلى آخره، وأن المكلّف مخئرٌ بين تقديم الصلاة وتأخيرها إلى آخر الوقت، فأيُّ وقت صلّى فيه المكلّف، فقد أدَّى ما عليه، وقد تخبّط كثير من الناس في هذا المعنى، وطال فيه نزاعهم، وما ذكرناه واضحٌ موافقٌ لظاهر الحديث.
وقد ذهب بعض أصحابنا، وأصحاب الشافعيّ إلى أن وقت الوجوب وقت واحد غير معيّن، وإنما يُعيِّنه المكلّف بفعله.
وذهب الشافعيّ إلى أن أول الوقت هو الواجب، وإنما ضرب آخره فصلًا بين القضاء والأداء، وهذا باطلٌ بما أنه لو تعيَّن ذلك الوقت للوجوب لأثِمَ من أخّر الصلاة عنه إلى غيره، والإجماع أنه لا يأثم.
وذهب الحنفيّة إلى أن وقت الوجوب آخر الوقت، وهذا أيضًا باطلٌ؛ إذ لو كان كذلك لما جاز لأحد أن يوقع الصلاة قبل آخر الوقت، وقد جاز بالإجماع ذلك، ثم الحديث الذي ذكرناه يرُدّ على هذه الفرق كلّها. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣١/ ١٣٩٥ و ١٣٩٦](٦١٤)، و (أبو داود) في "الصلاة"(٣٩٥)، و (النسائيّ) في "المواقيت"(٥٢٣)، و"الكبرى"(١٤٩٩)،