وفي نسخة:"فأقام العصر"(وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ) أي في أول وقتها، كما قال في حديث بريدة -رضي اللَّه عنه-: "بيضاء نقية"(ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ) وفي نسخة: "فأقام المغرب"(حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ) أي غربت، والمراد أول وقتها (ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ) والمراد به الأحمر، كما سبق تحقيقه (ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا) أي من صلاة الفجر (وَالْقَائِلُ يَقُولُ: قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "انصرف"، أي سلّم منها، والحال أن القائل يقول: قد طلعت الشمس، والمراد أنه أخّر صلاة الفجر في اليوم الثاني حتى إنه حين انصرافه من الصلاة يتخيل بعض من رأى أن الشمس قد طلعت، وهي لم تطلع (أَوْ كَادَتْ) أي قاربت الطلوع (ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ) يعني أنه أخّر صلاة الظهر حتى اقترب وقت العصر في اليوم الأول (ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا، وَالْقَائِلُ يَقُولُ: قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ) أي من شدّة تأخيره (ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ) اسمها ضمير يعود إلى الوقت، أي حتى كان الوقت، وخبرها قوله:(عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ) أي غروبه، والمراد قربه من الغروب؛ يدل عليه رواية وكيع التالية:"فصلى المغرب قبل أن يَغِيبَ الشفق في اليوم الثاني".
(ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ) وفي رواية النسائيّ: "ثمّ أخّر العشاء إلى ثلث الليل"، وفي حديث بريدة -رضي اللَّه عنه- الماضي:"وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل"، وفي لفظ:"عند ذهاب ثلث الليل، أو بعضه" والمعنى متقارب، يعني أنه صلّى العشاء في اليوم الثاني في وقت الثلث، بحيث انتهى منها بعد الثلث.
(ثُمَّ أَصْبَحَ) أي دخل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي وقت الصباح (فَدَعَا السَّائِلَ، فَقَالَ:"الْوَقْتُ بَيْنَ هَذيْنِ") وفي رواية النسائيّ: "الوقت فيما بين هذين"، فقوله:"الوقت" مبتدأ، خبره قوله:"بين هذين"، أي الوقتُ المقتصد الذي لا إفراط فيه تعجيلًا، ولا تفريط فيه تأخيرًا، بين هذين الوقتين، فقد بيَّنْتُ لك بما فعلتُ أولَ الوقت، وآخره، والصلاة جائزة في جميعه، أوّلهِ، وأوسطه، وآخره.
والمراد بالآخر هنا آخر الوقت المختار، لا الجواز؛ إذ يجوز تأخير