للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أدغمت الدال الأولى في الثانية (الْحَرُّ) بالرفع فاعل "اشتد"، وهو: ضدُّ البرد، جمعه: حُرُور، وأحارر، كما في "القاموس"، ومفهومه أن الحرّ إذا لَمْ يشتد لَمْ يُشْرَع الإبراد، وكذا لا يُشْرَع في البرد من باب أولى، قاله في "الفتح".

(فَأَبْرِدُوا) -بفتح الهمزة، وكسر الراء- أمر من الإبراد، أي أخِّروا إلى أن يبرُد الوقتُ، يقال: أبرد: إذالمدخل في البرد، كأظهر: إذا دخل في الظهيرة، ومثله في المكان أنجد: إذا دخل نجدًا، وأتهم: إذا دخل تهامة، قاله في "الفتح" (١).

وقال الزمخشري في "الفائق": حقيقة الإبراد الدخول في البرد، والمعنى: إدخال الصلاة في البرد، ويقال: معناه: افعلوها في وقت البرد، وهو الزمان الذي يتبين فيه شدّة انكسار الحر؛ لأن شدّته تُذْهِب الخشوع.

وقال السفاقسيّ: أبردوا: أي ادْخُلُوا في وقت الإبراد، مثل أظلم: إذا دخل في الظلام، وأمسى: إذا دخل في المساء.

وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الإبراد: انكسار شدّة حرّ الظهيرة، وذلك أن فتور حرّها بالإضافة إلى وهج الهاجرة برد، وليس ذلك بأن يؤخَّر إلى آخر برد النهار، وهو برد العشي، إذ فيه الخروج عن قول الأئمة، ذكره في "العمدة" (٢).

(بِالصَّلَاةِ) وفي نسخة: "فأبردوا الصلاةَ"، وفي الرواية الآتية: "فأبردوا عن الصلاة"، وقال في "الفتح": قوله: "بالصلاة" كذا للأكثر، والباء للتعدية، وقيل: زائدة، ومعنى "أبردوا" أخِّروا على سبيل التضمين، أي أخِّروا الصلاة، وفي رواية الكشميهني: "عن الصلاة"، فقيل: "عن" زائدة أيضًا، أو هي بمعنى الباء، أو للمجاوزة، أي تجاوزوا وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدّة الحرّ. انتهى (٣).

وقال الحافظ وفي الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تَحْتَمِل "عن" أوجهًا:

[أحدهما]: أن تكون بمعنى الباء، كما أن الباء تكون بمعنى "عن"، فمن الأول فيما قيل، قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} [النجم: ٣]، أي


(١) ٢/ ٢١.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ٢٠.
(٣) "الفتح" ٢/ ٢٢.