للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فَيْحُ جهنم وفَوْحُها، بالياء والواو، مع فتح الأول فيهما، وبالحاء المهملة: سُطُوع حرّها، وانتشاره، يقال: فاحت القِدْر، تفيح، وتفوح: إذا غلت. انتهى (١).

و"جهنم": اسم من أسماء النار نعوذ باللَّه منها، قال الأزهريّ: في جهنم قولان: قال يونس بن حبيب، وأكثر النحويين: جهنم اسم النار التي يعذب اللَّه بها في الآخرة، وهي أعجمية، لا تُجَرُّ للتعريف والعجمة.

وقال آخرون: جهنم عربي، سميت نار الآخرة بها؛ لبعد قعرها، وإنما لَمْ تُجَرَّ؛ لثقل التعريف، وثقل التأنيث، وقيل: هو تعريب كهنام بالعبرانية، وقال ابن خالويه: بئر جِهِنّام، للبعيدة القعر، ومنه سميت جهنم، أفاده في "اللسان" (٢)، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: اختَلَف العلماء في معنى قوله: "فإن شدة الحرّ من فيح جهنم" هل هو حقيقة، أو مجاز؟.

فحمله الجمهور على الحقيقة، وقالوا: إن وَهَجَ الحرّ من فيح جهنم، ويؤيِّده حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي في هذا الباب: "اشتكت النار إلى ربها، فأذن لها بنفسين. . . " الحديث.

وقيل: إنه كلام خرج مخرج التشبيه، أي كأنه نار جهنم في الحرّ، فاجتنبوا ضرره.

قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وكلا الوجهين ظاهرٌ، وحمله على الحقيقة أولى.

وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: القول الأول يَعْضِده عموم الخطاب، وظاهر الكتاب، وهو أولى بالصواب. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: حمل الحديث على الحقيقة هو الصواب، فلا ينبغي العدول عنه؛ إذ لا داعي إلى ذلك.

وخلاصة القول أنه إذا أمكن حمل النصّ على ظاهره لا يجوز العدول عنه إلَّا لدليل يدلّ على الخروج عن ظاهره، وما هنا لا يوجد دليل على ذلك،


(١) "طرح التثريب" ٢/ ١٥٧.
(٢) "لسان العرب" ١٢/ ١١٢.