للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجه البخاريّ من طريق سفيان بن عيينة، قال: حفظناه الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، قال في "الفتح": قوله: "عن سعيد بن المسيب"، كذا رواه أكثر أصحاب سفيان عنه، ورواه أبو العباس السّرّاج، عن أبي قُدَامة، عن سفيان، عن الزهريّ، عن سعيد أو أبي سلمة، أحدهما أو كلاهما، ورواه أيضًا من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ، عن أبي سلمة وحده، والطريقان محفوظان، فقد رواه الليث، وعمرو بن الحارث، عند مسلم، ومعمر، وابن جريج، عند أحمد، وابن أخي الزهريّ، وأسامة بن زيد، عند السرّاج، ستتهم عن الزهريّ، عن سعيد وأبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: فقد رواه الليث، وعمرو بن الحارث، عند مسلم، يريد به قوله: "إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا. . . إلخ"، وأما قوله: "اشتكت النار. . . إلخ" فإنما أخرجه مسلم عن الزهريّ، عن أبي سلمة فقط.

والحاصل أنه قد تبيّن بما ذُكر أن الحديث محفوظ عن الزهريّ، عن ابن المسيّب، وأبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، واللَّه تعالى أعلم.

(أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا) اختُلِفَ في هذه الشكوى، هل هي بلسان المقال، أو بلسان الحال، واختار كلًّا طائفة، وقال ابن عبد البرّ: لكلا القولين وجه ونظائر، والأول أرجح، وقال عياض: إنه الأظهر، وقال القرطبيّ: لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته، قال: وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله، فحمله على حقيقته أولى، وقال النوويّ نحو ذلك، ثم قال: حمله على حقيقته هو الصواب، وقال نحو ذلك التُّورِبِشْتِيّ.

ورجَّح البيضاويّ حمله على المجاز، فقال: شكواها مجاز عن غليانها، وأكلها بعضها بعضًا مجاز عن ازدحام أجزائها، وتنفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واختُلف في معنى هذا الحديث، فمن العلماء من


(١) "الفتح" ٢/ ٢٤.
(٢) "الفتح" ٢/ ٢٤.