للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٣٩ و ٢/ ١٠٤ - ١٠٥)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (٣٥٨)، واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): استحباب التعجيل بصلاة الظهر في شدة الحر، وقد تقدّم أن هذا كان قبل الأمر بالإبراد، فالصحيح أن هذا الحديث منسوخ بأحاديث الأمر بالإبراد، واللَّه تعالى أعلم.

٢ - (ومنها): ما كان عليه الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من مراجعتهم للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما أشكل عليهم، ولا يتقدمون بين يديه؛ امتثالًا لقول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [الحجرات: ١].

٣ - (ومنها): أنه ينبغي للعبد أن يُكَلِّف نفسه تَحَمُّل ما يَشُقّ عليها في طاعة اللَّه تعالى؛ لينال به الأجر العظيم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): ذكر الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أنه استَدَلّ بعضُ من لم ير السجود على الثوب بحديث خبّاب -رضي اللَّه عنه- هذا، قالوا: المراد بذلك أنهم شَكَوْا إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- مشقّة السجود على الحصى في شدّة الحرّ، واستأذنوه أن يسجدوا على ثيابهم، فلم يُجبهم إلى ما سألوا، ولا أزال شكواهم، واستدلُّوا على ذلك بما روى محمد بن جُحَادة، عن سليمان بن أبي هند، عن خبّاب -رضي اللَّه عنه- قال: شكونا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شدّة الحرّ في جباهنا وأكفّنا، فلم يُشكنا.

قال: ويُجاب عن ذلك بأن حديث خبّاب اختُلِف في إسناده على أبي إسحاق، فرُوي عنه، عن سعيد بن وهب، عن خبّاب -رضي اللَّه عنه-، ورُوي عنه، عن حارثة بن مُضرِّب، عن خبّاب، وقد قيل: إنهما من مشايخ أبي إسحاق المجهولين الذين لمن يَرْوِ عنهم غيره.

وفي إسناده اختلاف كثيرٌ، ولذلك لم يُخرّجه البخاريّ.

قال: وأما معنى الحديث، فقد فسَّره جمهور العلماء بأنهم شَكَوْا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في شدّة الحرّ، وطلبوا منه الإبراد بها، فلم يُجبهم، وبهذا فسّره رُواةُ الحديث، منهم أبو إسحاق، وشَرِيك.