للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد أخرجه البزّار في "مسنده"، وزاد فيه: "وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصلّي الظهر بالهَجِير" (١).

وأخرجه ابن المنذر، وزاد في آخره: "وقال: إذا زالت الشمس فصلُوا" (٢).

وأما رواية من زاد فيه: "في جِبَاهنا وأكفّنا"، فهي منقطعةٌ، حَكَى إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين أنه قال: هي مرسلةٌ - يعنى أن سليمان بن أبي هند لم يسمع من خبّاب (٣).

وعلى تقدير صحّتها فقد يكون شَكَوا إليه ما يلقونه من شدّة حرّ الحصى في سجودهم، وأنه لا يقيهم منه ثوب ونحوه، وأيضًا فلو كانوا قد طلبوا منه السجود على ثوب يقيهم حرّ الرمضاء لأمرهم بالسجود على ثوب منفصل؛ فإن ذلك لا يُكره عند الشافعيّ ولا عند غيره لشدّة الحرّ كما سبق.

[فإن قيل]: فحمله على هذا ترُدّه أحاديث الأمر بالإبراد بالظهر في شدّة الحرّ.

[قيل]: عنه جوابان:

أحدهما: أن ذلك كان قبل أن يُشرع الإبراد، ثمّ نُسخ، وقد رُوي من حديث المغيرة ما يدلّ على ذلك.

والثاني: أن شدّة الحرّ في الصيف لا يزول في المدينة إلا بتأخير الظهر إلى آخر وقتها، وهو الذي طلبوه، فلم يُجبهم إلى ذلك، وإنما أمرهم بالإبراد اليسير، ولا يزول به شدّة حرّ الحصى.

وقد قيل: إنهم إنما شَكَوا إليه أنهم كانوا يُعذَّبون في اللَّه بمكة في حرّ الرمضاء قبل الهجرة، وطلبوا منه أن يدعو لهم، ويستنصر، فأمرهم بالصبر في اللَّه، وقد رَوَى قيس بن أبي حازم عن خبّاب هذا المعنى صريحًا، وبهذا فسّره ابن المدينيّ وغيره، والصحيح الأول. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "مسند البزّار" ٦/ ٧٨.
(٢) "الأوسط" ٢/ ٣٥٨.
(٣) "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص ٨٤).