للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذلك، وقد خرّجه الترمذيّ من طريق خالد بن عبد الرحمن، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

قال: وإنما ذكرت هذا؛ لأن الْعُقيليّ قال: حديث أنس في هذا فيه لينٌ، ولعلّه ظنّ تفرّد خالد به، وقد قال هو في خالد: يخالف في حديثه، وقد تبيّن أنه تابعه بشر بن المفضّل على جلالته وحفظه.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن مما ذُكر أن حديث أنس -رضي اللَّه عنه- هذا لا كلام فيه، وأن تليين العقيليّ له غير مقبول، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

قال: وقد أدخل بعض الرواة في إسناد هذا الحديث الحسن البصريّ بين بكر وأنس، وهو وَهَمٌ، قاله الدارقطني (١).

قال: وقد رُوي عن أنس -رضي اللَّه عنه- حديث يخالف هذا، أخرجه أبو بكر بن أبي داود في "كتاب الصلاة": ثنا محمد بن عامر الأصبهانيّ، حدّثني أبي، ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن عثمان الطويل، عن أنس بن مالك قال: "كنّا نصلّي مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرمضاء، فإذا كان في ثوب أحدنا فضلة، فجعلها تحت قدميه، ولم يجعل تحت جبينه؛ لأن صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانت خفيفة في إتمام".

قال: سنةٌ تفرّد بها أهل البصرة.

قال ابن رجب: يشير إلى تفرّد عثمان الطويل به عن أنس، وهما بصريّان، وعثمان هذا قد رَوى عنه شعبة وغيره، وقال أبو حاتم: هو شيخٌ.

وأما من قبل عثمان فهم ثقاتٌ مشهورون، فعنبسة هو ابن سعيد قاضي الريّ، أصله كوفيّ ثقةٌ مشهور، وثّقه أحمد، ويحيى، ويعقوب هو الْقُمّيّ ثقةٌ مشهور أيضًا، وعامرٌ هو ابن إبراهيم الأصبهانيّ، ثقةٌ مشهورٌ من أعيان أهل أصبهان، وكذلك ابنه محمد بن عامر.

ولكن إسناد حديث بكر أصحّ، ورُواته أشهر، ولذلك خُرَّج في "الصحيح" دون هذا، واللَّه أعلم. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا التحقيق الذي ذكره ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- حسنٌ جدًّا، حاصله أن حديث أنس -رضي اللَّه عنه- الذي أخرجه الشيخان هو الأصحّ والأرجح


(١) راجع: "علل الدارقطنيّ" ٤/ ٤٠.
(٢) "فتح الباري" ٣/ ٣٥ - ٣٧.