للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، أو كثير منهم يَجِد ثوبين يصلّي فيهما، فكانوا يصلّون في ثوب واحد -كما سبق- فكيف كانوا يجدون ثيابًا كثيرةً يصلّون في بعضها، ويتّقون الأرض ببعضها؟. انتهى (١).

والحاصل أن أرجح المذاهب في المسألة مذهب الجمهور، وهو صحّة السجود على الثوب المتّصل بالمصلي، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في السجود على كَوْر العمامة:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في السجود على كَوْر العمامة، فرُوي عن عليّ -رضي اللَّه عنه- أنه قال: ليرفعها عن جبهته، ويسجد على الأرض، وحَسَر عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- العمامة عن جبهته، وكره السجود عليها ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

وقال مالك: أُحِبّ أن يرفعها عن بعض جبهته حتى يمس بعض جبهته الأرض.

وقال الشافعيّ: لا يجوز السجود عليها، وقال أحمد: لا يُعجبني إلا في الحرّ والبرد، وكذلك قال إسحاق.

ورخصت طائفة في السجود على كور العمامة، وممن رخص فيه الحسن البصريّ، ومكحول، وعبد الرحمن بن يزيد. وكان شريح يسجد على برنسه. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: القول الراجح عندي قول من قال بجواز السجود على كور العمامة؛ لدلالة حديث أنس -رضي اللَّه عنه- المذكور في الباب، ولما أخرجه البيهقيّ عن الحسن بسند صحيح: "كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسجدون، وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل على عمامته"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "فتح الباري" ٣/ ٣٦.