للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِلَى قُبَاءٍ) متعلِّق بـ "يذهب"، وهو بضم القاف، والباء الموحَّدة، والقصر، والمدّ، والصرف، وعدمه، والتذكير، والتأنيث، والأفصح فيه المد، والصرف، والتذكير، قاله في "الطرح" (١).

والمراد أهل قباء، وهو على حدّ قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] (٢).

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم يُخْتَلَف على مالك أنه قال في هذا الحديث: "إلى قباء"، ولم يتابعه أحد من أصحاب الزهريّ، بل كلهم يقولون: "إلى العوالي"، وهو الصواب عند أهل الحديث، قال: وقول مالك: "إلى قباء" وَهَمٌ، لا شك فيه.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وتُعُقِّب بأنه رُوي عن ابن أبي ذئب، عن الزهريّ: "إلى قباء"، كما قال مالك، نقله الباجي عن الدارقطني، فنسبة الوَهَم فيه إلى مالك مُنتقَدٌ، فإنه إن كان وَهَمًا احتَمَل أن يكون منه، وأن يكون من الزهريّ حين حدَّث مالكًا.

وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك، فقال فيه: "إلى العوالي" كما قال الجماعة، فقد اختُلِف فيه على مالك، وتوبع عن الزهريّ بخلاف ما جزم به ابن عبد البرّ.

وأما قوله: الصواب عند أهل الحديث "العوالي"، فصحيح من حيث اللفظ، ومع ذلك فالمعنى متقارب، لكن رواية مالك أخصّ؛ لأن قباء من العوالي، وليست العوالي كل قباء، ولعل مالكًا لما رأى أن في رواية الزهريّ إجمالًا حملها على الرواية المفسَّرة، وهي روايته عن إسحاق، حيث قال فيها: "ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف"، وسيأتي أنهم أهل قباء، فبنى مالك على أن القصّة واحدة؛ لأنهما جميعًا حدّثاه عن أنس، والمعنى متقارب، فهذا الجمع أولى من الجزم بأن مالكًا وهم فيه.

وأما استدلال ابن بطال على أن الوَهَم فيه ممن دون مالك برواية خالد بن مخلد المتقدمة الموافقة لرواية الجماعة عن الزهريّ، ففيه نظرٌ؛ لأن مالكًا أثبته


(١) "طرح التثريب" ٢/ ١٦٤.
(٢) "الفتح" ٢/ ٣٧.