للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالتكرار ثلاث مرات، مبالغةً في ذمّ من يؤخر الصلاة إلى هذا الوقت بدون عذر.

ثم إن المنافق هنا إما محمول على حقيقته بأن يكون بيانًا لصلاته، أو يكون تغليظًا، يعني أن من أخر صلاة العصر إلى قبيل الغروب، فقد شبّه نفسه بالمنافق، فإن المنافق لا يعتقد حقيَّة الصلاة، بل إنما يصلي لدفع السيف عن نفسه، ولا يبالي بالتأخير؛ إذ لا يطلب فضيلةً، ولا ثوابًا، والواجب على المسلم أن يخالف المنافق (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "تلك صلاة المنافقين" إشارة إلى صلاة العصر المخرجة عن وقتها، ومعناه أن الذي يُخرجها عن وقتها يُشبه فعله ذلك فعلَ المنافق الذي يتهاون بأمرها، ويُضيّعها حتى يُخرجها عن وقتها، ولذلك وصفه بقوله: "يَجلس يرقُب الشمس"، وهذه عبارة عن عدم مبالاته بها، وتضييعه لها حتى إذا رأى الشمس قد حان غروبها قام يُصليها على ما ذُكر رياءً وتلبيسًا. انتهى (٢).

(يَجْلِسُ) وللنسائيّ: "جلس"، بصيغة الماضي، ولأبي داود: "يجلس أحدهم"، والجملة مستانفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما يقع جوابًا لسؤال مقدر، كأنه قيل: ما هي صفة تلك الصلاة، التي وُصفت بأنها صلاة المنافق، فقال: يجلس ينتظر قرب غروب الشمس. . . إلخ.

(يَرْقُبُ الشَّمْسَ) -بضمّ القاف- يقال: رَقَبتهُ أَرقُبُه، من باب نصر، وترقّبته، وارتقبته: انتظرته، فأنا رقيبٌ، والجمع الرُّقباءُ (٣)، والجملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل.

والمعنى: أنه يجلس حال كونه منتظرًا قرب غروب الشمس.

ولفظ النسائيّ: "جلس يرقُب صلاة العصر"، أي ينتظر قرب آخر وقتها، وهو غروب الشمس.

(حَتَّى إِذَا كَانَتْ) أي الشمس (بَيْنَ قَرْنَي الشَّيْطَانِ) وفي رواية أبي داود:


(١) "المرعاة" ٢/ ٣٠٢.
(٢) "المفهم" ٢/ ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٢٣٤.