للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كأنه شبّه كل سجدتين من سجداته من حيث إنه لا يمكث فيهما، ولا بينهما، بنقر طائر إذا وضع منقاره يلتقط شيئًا. انتهى.

يعني إنما قال: أربعًا، أي أربع سجدات مع أن في العصر ثماني سجدات؛ لأنه لا يمكث بينهما، فكأنه سجد أربعًا.

وفيه تصريحٌ بذمّ من صلى مسرعًا بحيث لا يكمل الخشوع، والطمأنينة، والأذكار.

وقيل: معنى "نقر أربعًا" أي لقط أربع ركعات سريعًا، فالنقر عبارة عن السرعة في أداء الصلاة.

وقيل: عن سرعة القراءة، وقلّتها، وقلة الذكر فيها (١).

وفي "المنهل": وتخصيص الأربع بالنقر، وفي العصر ثماني سجدات اعتبارًا بالركعة، أو أن الحديث جاء حين كانت صلاة العصر ركعتين، ثم زيدت بعده.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الاحتمال الأول هو الأقرب، كما لا يخفى، واللَّه تعالى أعلم.

وإنما خَصّ العصر بالذكر؛ لأنها الصلاة الوسطى، ولأنها تأتي في وقت تعب الناس من مقاساة أعمالهم، وإلا فتأخير غيرها من المكتوبة إلى آخر وقتها بدون عذر مذموم، وفيه الوعيد الشديد. انتهى.

(لَا يَذْكُرُ اللَّهَ) -عزَّ وجلَّ- لعدم اعتقاده، أو لخلوه عن الإخلاص (فِيهَا) أي في تلك الصلاة (إِلَّا قَلِيلًا) أي إلا ذكرًا قليلًا، وقيل: الاستثناء منفصل، أي لكنه في زمن قليل يذكر اللَّه فيه بلسانه فقط.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "لا يذكر اللَّه فيها إلا قليلًا" أي لسرعة حركاته فيها، وليُرائي بالقليل الذي يذكره عند تخلّيه عمن يلاحظه من الناس. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المرعاة" ٢/ ٣٠٢.
(٢) "المفهم" ٢/ ٢٥١.