وفي "العلل" لابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الوليد عن الأوزاعيّ، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من فاتته صلاة العصر؛ وفواتها أن تدخل الشمس صفرة، فكأنما وتر أهله، وماله"، قال أبي: التفسير من قول نافع. انتهى.
وكلام القاضي أبي بكر ابن العربيّ يقتضي أنه من كلام ابن عمر، فإنه قال: وقد اختُلِف عن ابن عمر فيه، فروى الوليد، عن الأوزاعيّ، عن نافع، عن ابن عمر:"من فاتته صلاة العصر، وفواتها أن تدخل الشمس صفرة"، وابن جريج يروي عنه:"إن فواتها غروب الشمس". انتهى.
وكيفما كان فليس هذا الكلام مرفوعًا إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلا حجة فيه.
وقال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا القول: إنه ليس بشيء.
وقال ابن بطال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما أراد فواتها في الجماعة، لا فواتها باصفرار الشمس، أو مغيبها؛ لما يفوته من صلاتها في الجماعة من حضور الملائكة فيها، فصار ما يفوته من هذا المشهد العظيم الذي يجتمع فيه ملائكة الليل، وملائكة النهار أعظم من ذهاب أهله وماله، ولو كان المراد فوات وقتها كله باصفرار، أو غيبوبة لبطل الاختصاص؛ لأن ذهاب الوقت كله موجود في كل صلاة. بهذا المعنى فسره ابن وهب، وابن نافع، وذكره ابن حبيب عن مالك، وابن سحنون عن أبيه، قال ابن حبيب: وهو مثل حديث يحيى بن سعيد: "إن الرجل ليصلي الصلاة، وما فاتته، ولما فاته من وقتها أكثر من أهله وماله"، يريد أن الرجل ليصلي الصلاة في الوقت المفضول، ولما فاته من وقتها الفاضل الذي مضى عليه اختيار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر، وكُتُبُ عمر إلى عماله أفضل من أهله وماله، وليس في الإسلام حديث يقوم مقام هذا الحديث؛ لأن اللَّه تعالى قال:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}[البقرة: ٢٣٨]، ولا يوجد حديث فيه تكييف المحافظة غيره. انتهى.
ورَوَى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن هشيم، عن حجاج، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ترك العصر حتى تغيب الشمس