للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من غير عذر، فكأنما وتر أهله وماله". انتهى كلام العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

(كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ") قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "وُتر أهله وماله" قيل: معناه: خَرِبَ أهله وماله، وسُلِبهما، من وَتَرْتُ فلانًا: إذا قتلتَ حَمِيمه، والْوِترُ: الْحْقد، بكسر الواو، ولا يجوز فتحها، وذلك أبلغ من ذهاب الأهل والمال على غير هذا الوجه؛ لأن الموتور يهمّ بذهاب ما ذهب منه، ويطلُب ثأره حتى يأخذ به.

وقيل: معناه: أُفرد عن أهله وماله، من الوتر بكسر الواو وفتحها، وهو الفرد، أي صار هو فردًا عن أهله وماله، وعلى هذا والذي قبله، فالمعنى ذهاب جميع أهله وماله.

وقيل: معناه قُلِّل ونُقِصَ، ومنه قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥].

و"أهلَهُ ومالَه" روايتهما بنصب اللام على أنه مفعول ثانٍ لـ "وُتِرَ"؛ لأن وَتَرَ وَنَقَصَ يتعدّيان إلى مفعولين، ولو رُوي بضمّ اللام على المفعول الأول لم يكن لحنًا، غير أن المحفوظ في الرواية الأول، قاله الحافظ أبو موسى المدينيّ.

وقال أبو الفرج ابن الجوزيّ في "كشف المشكل": في إعراب الأهل والمال قولان:

أحدهما: نصبهما، وهو الذي سَمِعناه، وضبَطناه على أشياخنا في كتاب أبي عُبيد وغيره، ويكون المعنى: فكأنما وُتِرَ في أهله وماله، فلَمّا حُذف الخافض انتصب.

والثاني: رفعهما على ما لم يُسمَّ فاعله، والمعنى: نُقصا، وكأنه يشير إلى أن النصب والرفع ينبني على الاختلاف في معنى "وُتِرَ"، هل هو بمعنى سُلِبَ، أو بمعنى نقص؟ واللَّه أعلم. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يُرْوَى بنصب "أهله، وماله"، ورفعهما، والنصب هو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور، كما قال النوويّ، وقال


(١) "طرح التثريب" ٢/ ١٨٠ - ١٨١.
(٢) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣٠٠ - ٣٠١.