للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذلك، وأن تخصيص العصر بالذكر إنما كان بسؤال سائل سأل عنه، فأُجيب، ورجحه ابن عبد البرّ (١)، وفيه نظرٌ. وقد يُستدلّ له بما أخرجه الإمام أحمد وغيره من حديث عمرو بن شُعيب، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مَن ترك الصلاة سُكْرًا مرة واحدة، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها، فسُلِبها. . . " الحديث (٢).

واستدلّ من قال: إن جميع الصلوات كصلاة العصر في ذلك بما رَوَى ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن نوفل بن معاوية الديليّ، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من فاتته الصلاة، فكأنما وتر أهله وماله"، قال: وهذا يعمّ جميع الصلوات، فإن الاسم المعرَّف بالألف واللام يعمّ، كما في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣].

قال: وهذا ليس بمتعيّن؛ لجواز أن يكون الألف واللام هنا للعهد، كما قوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: ١٠٦] على تأويل من فسّرها بصلاة العصر. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قد كتب الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بحثًا نفيسًا في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- هذا، أحببت إيراده هنا؛ لنفاستة، وغزارة فوائده، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

هذا حديث صحيح بإسناده هذا، لم يُخْتَلف فيه على مالك، وكذلك رواه أيوب، وعبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.

قال: وهو عند ابن شهاب، عن سالم، عن ابن عمر، رواه عن ابن شهاب جماعة من أصحابه، منهم ابن عيينة، ومحمد بن أبي عتيق، وإبراهيم بن سعد.


(١) فيه نظر؛ لأن كلامه في "التمهيد" ليس فيه ترجيح لهذا القول، بل هو مجرّد ذكر، فليُتأمل.
(٢) إسناده صحيح.