للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن الله ربُّهم، وعن ابن عباس بإسناد ضعيف قال: هذه أرخص آية في كتاب الله: {قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} على شهادة أن لا إله إلا الله، ورُوِي نحوه عن أنس، ومجاهد، والأسود بن هلال، وزيد بن أسلم، والسُّديُّ، وعكرمة، وغيرهم.

ورُوي عن عمر بن الخطاب أنه قرأ هذه الآية على المنبر: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، فقال: لم يَرُوغُوا رَوَغَانَ الثَّعْلَب (١).

ورَوَى عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} قال: استقاموا على أداء فرائضه، وعن أبي العالية قال: ثم أخلصوا له الدين والعمل، وعن قتادة قال: استقاموا على طاعة الله، وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة.

ولعَلَّ من قال: إن المراد الاستقامة على التوحيد، إنما أراد التوحيد الكامل، الذي يُحَرِّم صاحبه على النار، وهو تحقيق معنى "لا إله إلا الله"، فإن الإله هو المعبود الذي يُطَاع، فلا يعصى؛ خشيةً وإجلالًا ومهابة ومحبّةً ورجاءً وتوكلًا ودعاءً، والمعاصي كلُّها قادحة في هذا التوحيد؛ لأنها إجابة لداعي الهوى، وهو الشيطان، قال الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣]، قال الحسن وغيره: هو الذي لا يَهْوَى شيئًا إلا رَكِبَهُ، فهذا ينافي الاستقامة على التوحيد.

وأما على رواية من روى: "قل: آمنت بالله"، فالمعنى أظهر؛ لأن الإيمان تَدْخُل فيه الأعمال الصالحة عند السلف، ومن تابعهم من أهل الحديث.

وقال الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢)} [هود: ١١٢]، فأمَرَه أن يستقيم، ومن تاب معه، وأن لا يُجاوزوا ما أُمروا به، وهو الطغيان، وأخبر أنه بَصِير بأعمالكم، مُطَّلِع عليها.

وقال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}


(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٣٢٥)، وأحمد في "الزهد" ص ١١٥، ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا بين الزهريّ وبين عمر - رضي الله عنه -.