للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمدنيين، سوى شيخه، فنيسابوريّ.

٤ - (ومنها): أن فيه روايةَ تابعيّ عن تابعيّ: أبو الزناد، عن الأعرج.

٥ - (ومنها): أن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- أكثر الصحابة حديثًا، رَوَى (٥٣٧٤) حديثًا، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي نسخة: "عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ) أي تأتي طائفة عقب طائفة، ثم تعود الأولى عقب الثانية، قال ابن عبد البر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وإنما يكون التعاقب بين طائفتين، أو رجلين بأن يأتي هذا مرة، ويعقبه هذا، ومنه تعقيب الجيوش؛ أن يُجَهِّز الأمير بعثًا إلى مئة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يُجَهِّز غيرهم إلى مدة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجوز الأولين.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى التعاقب: إتيان طائفة بعد أخرى، فكأن الثانية تأتى عقب الأولى. انتهى (١).

[تنبيه]: قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الواو في قوله: "يتعاقبون" علامة الفاعل المذكر المجموع، وهي لغة بني الحارث، يُلحقون علامة للفاعل المثنّى والمجموع، وهم القائلون: "أكلوني البراغيث"، وهي لغة معروفة فاشية، وعليها حمل الأخفش قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: ٣] الآية، ومنه قول الفرزدق [من الطويل]:

وَلَكِنْ دِيَافِيٌّ أَبُوهُ وَأُمُّهُ … بِحُوْرَانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أقَارِبُهْ (٢)

قال: وقد تعسف بعض النحويين في تأويلها وردّوها للبدل، وهو تكلُّف مستغنى عنه، مع أن تلك اللغة مشهورة، ولها وجه من القياس واضح يُعرضي موضعه (٣).


(١) "المفهم" ٢/ ٢٦١.
(٢) "ديافيّ": نسبة إلى دياف: قرية بالشام، و"حُوران": اسم موضع بالشام، والمراد بالسليط: الزيت، انظر: "لسان العرب" ٧/ ٣٢١.
(٣) "المفهم" ٢/ ٢٦٠ - ٢٦١.