وقال غيره في تأويل الآية: قوله: {وَأَسَرُّوا} عائد على الناس المذكورين أوّلًا {الَّذِينَ ظَلَمُوا} بدل من الضمير. وقيل: التقدير أنه لَمَّا قيل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} قيل: من هم؟ قال:{الَّذِينَ ظَلَمُوا}، حكاه الشيخ محيي الدين، والأول أقرب؛ إذ الأصل عدم التقدير.
وقد أشار ابن مالك إلى هذه اللغة، مع لغة جمهور العرب في "الخلاصة"، حيث قال:
وقد توارد جماعة من الشرّاح على أن حديث الباب من هذا القبيل، ووافقهم ابن مالك، وناقشه أبو حيّان زاعمًا أن هذه الطريق اختصرها الراوي، واحتجَّ بما رواه البزار من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ:"إن للَّه ملائكةً يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار. . . " الحديث.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد سومح في العزو إلى "مسند البزار" مع أن الحديث بهذا اللفظ في "الصحيحين"، فالعزو إليهما أولى، وذلك أن هذا الحديث رواه عن أبي الزناد مالك في "الموطأ"، ولم يُختَلف عليه باللفظ المذكور، وهو:"يتعاقبون فيكم"، وتابعه على ذلك عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، أخرجه سعيد بن منصور عنه.
وقد أخرجه البخاريّ في "بدء الخلق" من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد بلفظ:"الملائكة يتعاقبون؛ ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار"، وأخرجه النسائي أيضًا من طريق موسى بن عقبة، عن أبي الزناد بلفظ:"إن الملائكة يتعاقبون فيكم"، فاختلف فيه على أبي الزناد، فالظاهر أنه كان تارة يذكره هكذا، وتارة هكذا، فيقوى بحث أبي حيّان.
ويؤيِّد ذلك أن غير الأعرج من أصحاب أبي هريرة قد رواه تامًّا، فأخرجه مسلم من طريق هَمَّام بن مُنَبِّه، عن أبي هريرة مثل رواية موسى بن عُقْبَةَ، لكن