للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرؤية بالرؤية، لا المرئيّ بالمرئيّ، وإنما شَبّه الرؤية برؤية البدر لمعنيين:

[أحدهما]: أن رؤية القمر ليلة البدر لا يُشَكّ فيه، ولا يُمْتَرَى.

[والثاني]: يستوي فيه جميع الناس من غير مشقّة. انتهى (١).

وقال في "العمدة":

[فإن قلت]: الكاف في "كما ترون" للتشبيه، ولا بد أن تكون مناسبةٌ بين الرائي والمرئيّ.

[قلت]: معنى التشبيه فيه أنكم ترونه رؤية محقَّقةً، لا شك فيها، ولا مشقة ولا خفاء، كما ترون القمر كذلك، فهو تشبيه للرؤية بالرؤية، لا المرئي بالمرئي انتهى (٢).

(لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ) بضم أوله مُخَفَّفًا، أي لا يحصل لكم ضَيْمٌ حينئذ، ورُوي بفتح أوله، والتشديد من الضمّ، والمراد نفي الازدحام، قاله في "الفتح".

وقال في "العمدة": رُوِي بضم التاء، وبتخفيف الميم، من الضيم، وهو التعب، وبتشديدها من الضمّ، وبفتح التاء وتشديد الميم.

قال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يُروَى على وجهين:

أحدهما: مفتوحة التاء مشددة الميم، وأصله تتضامُّون، حذفت إحدى التائين: أي لا يُضَامُّ بعضُكم بعضًا، كما يفعله الناس في طلب الشيء الخفي الذي لا يَسهُل دَرْكُهُ، فيتزاحمون عنده، يريد أن كل واحد منهم وادع مكانه (٣)، لا ينازعه في رؤيته أحد.

والآخر: "لا تُضَامُون"، من الضيم، أي لا يَضِيم بعضكم بعضًا في رؤيته.

وقال التيميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "لا تضامُّون"، بتشديد الميم، مراده أنكم لا تختلفون إلى بعض فيه، حتى تجتمعوا للنظر، وينضم بعضكم إلى بعض، فيقول واحد:


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣٢٠.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ٤٣ - ٤٤.
(٣) أي مستقرّ فيه، يقال: وَدُعَ، كَكَرُم، ووَضَعَ، فهو وَدِيعٌ، ووادِعٌ: سكن، واستقرّ، أفاده في "القاموس" ٣/ ٩٢.