للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو ذاك، ويقول الآخر: ليس ذاك، كما يفعله الناس عند النظر إلى الهلال أول الشهر، وبتخفيفها معناه: لا يَضِيم بعضكم بعضًا بأن يدفعه عنه أو يستأثر به دونه.

وقال ابن الأنباريّ: أي لا يقع لكم في الرؤية ضيم، وهو الذُّلّ، وأصله تُضْيِمُون، فأُلقيت حركة الياء على الضاد، فصارت الياء ألفًا؛ لانفتاح ما قبلها.

وقال ابن الجوزيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "لا تُضَامُون" بضم التاء المثناة من فوقُ، وتخفيف الميم، وعليه أكثر الرواة، والمعنى: لا ينالكم ضَيْمٌ، والضيم أصله الظلم، وهذا الضيم يَلْحَق الرائي من وجهين:

أحدهما: من مزاحمة الناظرين له، أي لا تزدحمون في رؤيته، فيراه بعضكم دون بعض، ولا يظلم بعضكم بعضًا.

والثاني: من تأخُّره عن مقام الناظر المحقِّق، فكأن المتقدمين ضامُوه، ورؤية اللَّه عزَّ وجلَّ يستوي فيها الكلّ، فلا ضَيْمَ، ولا ضرر، ولا مشقّة. انتهى (١).

وقد تقدّم تمام البحث في هذا في "كتاب الإيمان"، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

(فَإِنِ استَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا) بصيغة المجهول، وكلمة "أن" مصدرية، والتقدير من أن لا تغلبوا، أي من الغلبة بالنوم، والاشتغال بشيء من الأشياء المانعة عن الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، قاله في "العمدة" (٢).

وقال في "الفتح": فيه إشارة إلى قطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة، كالنوم، والشغل، ومقاومةُ ذلك بالاستعداد له. انتهى (٣).

(عَلَى صَلَاةٍ) متعلّق بـ "تُغلبوا" (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) ظرف متعلّقٌ بـ "صلاة" (وَقَبْلَ غُرُوبِهَا") وقوله: (يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ) أي يريد بقوله: "على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها" صلاة العصر والفجر، وهذه العناية من باب الرواة، ولم يبيّن لي من هو؟، ولابن مردويه من وجه آخر، عن إسماعيل: "قبل طلوع الشمس صلاة الصبح، وقبل غروبها صلاة العصر".


(١) "عمدة القاري" ٥/ ٤١ - ٤٢.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ٤٢.
(٣) "الفتح" ٢/ ٤١.