للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حسناته قبل أن يُقْضَى ما عليه أخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَت عليه، ثم طُرِحَ في النار"، رواه مسلم (١). انتهى (٢).

وإنما خَصَّ هاتين الصلاتين بالذكر؛ لأن وقتَ الصبح وقتُ لَذَّةِ النوم، والقيامُ فيه أشقّ على النفس من القيام في غيره، ووقتُ العصر وقتُ قوَّةِ الاشتغال بالتجارة أو غيرها، فلا يَتَفَرَّغُ للصلاة فيه إلا مَن كان قَوِيَّ الإيمان، كما قال اللَّه تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} الآية [النور: ٣٧].

فالمسلم إذا حافَظَ على هاتين الصلاتين مع ما فيه من التثاقل والتشاغل كان الظاهر من حاله أن يحافظ على غيرهما أشَدَّ، ولأن الوقتين مشهودان، تشهدهما ملائكة الليل، وملائكة النهار، وتُرْفَعُ فيهما الأعمال إلى اللَّه تعالى، فبالحَرِيِّ أن من داوم عليهما لا يدخل النار أصلًا، ويدخل الجنة؛ لصيرورة ذلك مكفرًا لذنوبه، وإن كان هذا ينافي ما عليه الجمهور من اختصاص كفارة الصلاة بالصغائر، ولكن فضل اللَّه واسع.

وقيل: خُصَّتَا بالذكر؛ لأن أكرم أهل الجنة على اللَّه من ينظر إلى وجهه غَدْوَةً، وعَشِيَّةً، كما في حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عند أحمد، والترمذيّ (٣).

(فَقَالَ لَهُ) أي لعُمارة بن رؤيبه -رضي اللَّه عنه- (رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ) اسمه إسماعيل، كما بيّنه في "الإصابة ونصّه:

(١٤٠) إسماعيلُ رجل من الصحابة، نزل البصرة، رَوَى مسلم من طريق وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، ومِسْعَر بن كِدام، والْبَخْتريّ بن المختار، والنسائيّ من طريق أبي إسحاق السبيعيّ، ومسلم أيضًا من طريق عبد الملك بن عُمير، كلهم عن أبي بكر بن عُمارة بن رُويبة، عن أبيه، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يلج النار رجل صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها".


(١) سيأتي للمصنّف في "كتاب البرّ والصلة" برقم (٢٥٨١).
(٢) "المنهل العذب المورود في شرح سنن أبي داود" ٤/ ٧.
(٣) راجع: "المرعاة في شرح المشكاة" ٢/ ٣٣١.