للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولم يسمّهم، والظاهر أنه قول طائفة من أهل البدع، كالروافض، ونحوهم، ولم يقل ذلك أحدٌ من العلماء المعتدّ بهم.

ورَوَى أبو نعيم الفضل بن دُكين: ثنا إسرائيل، عن طارق، عن سعيد بن الْمُسيّب، قال: كَتَبَ عمر إلى أمراء الأمصار: لا تصلّوا المغرب حتى تشتبك النجوم، وهذا إنما يدلّ على استحباب ذلك، وقد رُوي عن عمر خلاف ذلك موافقةً لجمهور الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.

والأحاديث، والآثار في كراهة التأخير حتى يطلع النجم كثيرة جدًّا، ومن أجودها ما روى محمد بن إسحاق، حدّثني يزيد بن أبي حبيب، عن مَرْثد بن عبد اللَّه، قال: لَمّا قَدِم علينا أبو أيوب غازيًا، وعقبة بن عامر يومئذ على مصر، فأَخَّر المغرب، فقام إليه أبو أيوب، فقال له: ما هذه الصلاة يا عقبة؟ فقال: شُغِلنا، قال: أما سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قول: "لا تزال أمتي بخير -أو قال: على الفطرة- ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم"، أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم وصحّحه.

وقد خولف ابن إسحاق في إسناده، فرواه حيوة بن شُريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، عن أبي أيوب، قال: "كنّا نصلي المغرب حين تجب الشمس" (١)، ورواه ابن لَهِيعة، عن يزيد، ورفعه إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال أبو زرعة: حديث حيوة أصحّ.

وأخرج الإمام أحمد معناه من حديث السائب بن يزيد، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأخرجه ابن ماجه من حديث العباس بن عبد المطّلب، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقد رُوي عن عمر بن عبد العزيز أنه أخّر ليلة المغرب حتى طلع نجمان، فأعتق رقبتين كفّارةً لتأخيره، ذكر هذا كله الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق من الأدلّة أن تعجيل صلاة المغرب هو المستحبّ، وقد تقدّم أن هذا مجمع عليه، ولا اعتداد بمن خالف في ذلك، وسيأتي -إن شاء اللَّه تعالى- الكلام على حديث: "ولا صلاة بعدها


(١) رواه الطبراني في "الكبير" ٤/ ١٧٦.
(٢) "فتح الباري" لابن رجب ٤/ ٣٥٢ - ٣٥٤.