للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جابر -رضي اللَّه عنه- قال: جهّز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جيشًا ليلةً حتى ذهب نصف الليل، أو بلغ ذلك، ثم خرج، فقال: "قد صَلَّى الناس، ورقدوا، وأنتم تنتظرون هذه الصلاة، أما إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها" (١).

(أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؟) كأن ينزل عليه وحي (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (حِينَ خَرَجَ) من الحجرة إلى المسجد ("إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً، مَا) نافية (يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ) بالرفع على البدل لـ "أهلُ"، وبالنصب على الاستثناء، والأول المختار، قاله القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-، قال في "الخلاصة":

وَاسْتَثْنِ مَجْرُورًا بِغَيْرٍ مُعْرَبَا … بِمَا لِمُسْتَثْنًى بِإلا نُسِبَا

وقد بَيَّن قبله حكم المستثنى بـ "إلا" بقوله:

مَا اسْتَثْنَتِ "إلَّا" مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ … وَبَعْدَ نَفْيٍ أَوْ كَنَفْيٍ انْتُخِبْ

إتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ … وَعَنْ تَمِيمٍ فِيه إبدَالٌ وَقَعْ

يعني أن انتظار هذه الصلاة من بين سائر الأمم من خصوصياتكم التي اختصكم اللَّه بها، فكلما زدتم يكون الأجر أكمل، مع أن الوقت يقتضي الاستراحة، فالمثوبة على قدر المشقة، قاله القاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وفيه أنه يستحب للإمام والعالم إذا تأخر عن أصحابه، أو جرى منه ما يَظُنُّ أنه يشقّ عليهم أن يعتذر إليهم، ويقول: لكم في هذا مصلحة من جهة كذا، أو كان لي عذر، أو نحو هذا، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

(وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي) "يَثْقُلَ": بالياء، وهكذا عند المصنّف، والنسائيّ، والضمير يعود إلى التأخير، أو الفعل، أي لولا أن يثقل التأخير، أو هذا الفعلُ، وعند أبي داود: "تثقل" بالتاء، أي الصلاة في هذه الساعة (لَصَلَّيْتُ بِهِمْ) أي دائمًا (هَذِهِ السَّاعَةَ") قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي لَزِمت على صلاتها في مثل هذه الساعة.

وفيه تصريح بأن ترك التأخير إنما هو للمشقّة، والثقل على الأمة، وقد تقدم بيان اختلاف العلماء في الأفضل من التقديم والتأخير، وترجيح القول بأفضلية تأخير العشاء إذا لم تكن مشقة، قريبًا فراجعه.


(١) راجع: "المسند" ٣/ ٣٦٧.
(٢) "شرح النووي" ٥/ ١٣٩.