(ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ) الظاهر أن الأذان تقدّم قبل خروجه، وهو الذي يدلّ عليه قول عمر -رضي اللَّه عنه-: "الصلاة"، في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- المتقدّم، ويَحْتَمِل أن يكون تقدير الكلام، فأمر المؤذن بالأذان، فأذّن، ثم بالإقامة، فأقام (وَصَلَّى) أي العشاء، ولفظ النسائيّ:"ثم صلّى"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤٠/ ١٤٤٧ و ١٤٤٨](٦٣٩)، و (البخاريّ) في "المواقيت"(٥٧٠)، و (أبو داود) في "الصلاة"(٤٢٠)، و (النسائيّ) في "المواقيت"(٥٣٧)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٢١١٦)، (وابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(١/ ٣٣١)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٨٨ و ١٢٦)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٣٤٣ و ٣٤٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(١٠٩٩ و ١٥٣٦)، و (البزّار) في "مسنده"(٣٧٦)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٠٨٣ و ١٠٨٤ و ١٠٨٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٤٢١ و ١٤٢٢)، وفوائد الحديث، تعرف مما سبق، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في استحباب تعجيل العشاء وتأخيرها:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في ذلك، فقالت طائفة: تأخيرها أفضل، كان ابن عباس يرى أن تأخيرها أفضل، ويقرأ:{وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية [هود: ١١٤]، ورَوَينا عن ابن مسعود أنه كان يؤخر العشاء، وقال مالك: أما العشاء فتؤخر بعد غيبوبة الشفق أحبّ إليّ.
وكان الشافعيّ يقول: وأُحِبّ أن يؤخرها الإمام ساعةً لا يبلغ فيها المشقة على الناس.
وقال أصحاب الرأي: أحب إلينا أن يؤخرها ما بينه وبين ثلث الليل.