للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "مجمع الغرائب": أكسية من شعر أسود، وعن الخليل: هي أكسية معلمة، وقال ابن الأعرابي: هو الإزار، وقال النضر بن شميل: لا يكون المرط إلا درعًا، وهو من خَزّ أخضر، ولا يسمى إلا أخضر، ولا يلبسه إلا النساء، وقال عبد الملك بن حبيب في "شرح الموطأ": هو كساء صوف رقيق، خفيف، مربع، كُنّ النساء في ذلك الزمان يتزرن به، ويتلفعن، أفاده في "العمدة".

(لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ) أي من شدّة الغَلَس، قال في "الفتح": قال الداوديّ: لا يُعْرَفن أنساء هنّ أم رجال؟، فلا يظهرن للرائي، إلا أشخاصًا خاصة.

وقيل: لا يُعْرَف أعيانهن، فلا يفرق بين خديجة، وزينب، وضعّفه النوويّ؛ لأن المتلفعة في النهار، لا تُعْرَف عينها، فلا تبقى في الكلام فائدة.

قال الحافظ: يريد لا تبقى فائدة للتقييد بمتلفعات، وهذا بناء على أن عدم معرفتهنّ لأجل التلفع، وليس كذلك، بل عدم المعرفة للغلس، وإلا لم يكن الحديث حجة على التغليس، وإنما ذكرت عائشة التلفع بيانًا للواقع.

قال: وتعقب -يعني كلام النوويّ- بأن المعرفة إنما تعلق بالأعيان، ولو كان المراد الأول لعبر بنفي العلم، وما ذكره من أن المتلفعة بالنهار لا تعرف عينها فيه نظر؛ لأن لكل امرأة هيئة غير هيئة الأخرى في الغالب، ولو كان بدنها مُغَطّى.

وقال الباجيّ: هذا يدل على أنهن كنّ سافرات؛ إذ لو كن متغطيات لمنع تغطية الوجه معرفتهن، لا التغليس، وفيه ما فيه؛ لأنه مبني على الاشتباه الذي أشار إليه النووي، وأما إذا كان لكل واحدة منهن هيئة غالبًا ففيه ما سلف. انتهى (١).

قال الصنعانيّ: نعم قد يسلم للحافظ مُدّعاه فيمن تطول مصاحبته من الأهل ونحوهم، فيعرف الهيئة والمشي المعين، كما قال عمر لسودة: قد عرفناك يا سودة، مع أنها كانت متلفعة، ولكن الكلام في أعم من ذلك.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: فيما قال الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في سودة: "مع أنها


(١) "فتح الباري" ٢/ ٦٦ - ٦٧.