للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأصحابه -رضي اللَّه عنهم-، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن (١). انتهى.

وأصرح حديث يدلّ على هذا الجمع: ما أخرجه النسائيّ من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، وفيه". . . . ويصلي الصبح إلى أن ينفسح البصر"، ولفظ أحمد في "مسنده" (٢): ". . . والصبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسح البصر"، ففيه دلالة على أنه كان يدخل في الغلس، ويمدّ القراءة إلى أن يُسْفِرَ، واللَّه تعالى أعلم.

والحاصل أن أرجح المذهبين في هذه المسألة مذهب الجمهور، وهو أن الأفضل في صلاة الصبح التغليس؛ لقوة أدلّته، ولأنه واظب عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو بكر، وعمر بعده، ولأن فيه العمل بالحديثين جميعًا، حيث يُحمل حديث الإسفار على مدّ القراءة حتى يسفر الصبح، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٤٥٩] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَتْ: لَقَدْ كَانَ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ، يَشْهَدْنَ الْفَجْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ، وَمَا يُعْرَفْنَ مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللَّهِ بِالصَّلَاةِ).

قد تقدّم هذا الإسناد بعينه في أول الباب الماضي، والحديث متّفقٌ عليه، وشرحه، ومسائله تقدّمت في الحديث الماضي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) هكذا عزا الطحاويّ هذا المذهب إليهم، لكن المشهور عند الحنفيّة أنهم يقولون باستحباب الإسفار دخولًا وخروجًا، انظر: "الدرّ المختار" مع حاشية "ردّ المحتار" ١/ ٣٨٢، واللَّه تعالى أعلم.
(٢) راجع: "المسند" ٣/ ١٢٩ و ١٦٩.