للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحَرَمَهُم إياها، حين قصدوا الاستئثار بها دون المساكين، أفاده ابن بطال (١).

٤ - (ومنها): أن فيه الحثّ على إفشاء السلام الذي هو دليل على خفض الجناح للمسلمين، والتواضع، والحثّ على تألّف قلوبهم، واجتماع كلمتهم، وتوادّهم، ومحبّتهم.

٥ - (ومنها): الإشارة إلى تعميم السلام، وهو أن لا يخصّ به أحدًا دون أحد، كما يفعله الجبابرة؛ لأن المؤمنين كلهم إخوة، وهم متساوون في رعاية الأخوة.

ثم إن هذا التعميم مخصوص بالمسلمين، فلا يسلّم ابتداء على كافر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبدءوا اليهود، ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتموهم في الطريق، فاضطرّوهم إلى أضيقه"، رواه البخاريّ، وكذلك خُصّ منه الفاسق بدليل آخر، وأما من شُكّ فيه، فالأصل فيه البقاء على العموم، حتى يثبت الخصوص.

ويمكن أن يقال: إن الحديث كان في ابتداء الإسلام لمصلحة التأليف، ثم وَرَدَ النهي (٢).

وقال النوويّ في "شرحه": وفي هذه الأحاديث جُمَلٌ من العلم، ففيها الحثّ على إطعام الطعام، والجود، والاعتناء بنفع المسلمين، والكفّ عما يؤذيهم بقول، أو فعل بمباشرة أو سبب، والإمساك عن احتقارهم، وفيها الحثّ على تألُّف قلوب المسلمين، واجتماع كلمتهم، وتوادّهم، واستجلاب ما يُحَصّل ذلك، قال القاضي رحمه الله تعالى: والأُلْفَة إحدى فرائض الدين، وأركان الشريعة، ونظَام شَمْلِ الإسلام، قال: وفيه بذل السلام من عَرَفت ولمن لم تعرف، وإخلاص العمل فيه لله تعالى، لا مصانعة، ولا مَلَقًا، وفيه مع ذلك استعمال خُلُق التواضع، وإفشاء شعار هذه الأمة. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في الأسئلة والأجوبة التي ذكروها في هذا الحديث:


(١) راجع: "شرح البخاريّ لابن بطال" ١/ ٦٤.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ١/ ١٥٦ - ١٥٧.