وقيل: يكره ذلك؛ لئلا نلغو في كلامنا، أو نخطئ فيه، فيُختم عملنا بعمل سيّئ، أو بقول سيّئ، والنوم أخو الموت، أو لعله يكون فيه الموت، واللَّه تعالى أعلم.
وقيل: كُره ذلك؛ لتُراح الْكَتَبةُ الكرام، وقد كان بعض السلف يقول لمن أراد أن يتحدّث بعد العشاء: أريحوا الكَتَبة.
وهذه الكراهة تختصّ بما لا يكون من قبيل القُرَب والأذكار، وتعلّم العلم، ومسامرة أهل العلم، وتعلّم المصالح، وما شابه ذلك، فقد ورد عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن السلف ما يدلّ على جواز ذلك، بل على ندبيّته، واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم آنفًا تقييد عدم كراهة ما ذُكر من القرب ونحوه بعدم طوله المؤدّي إلى تفويت شيء مما شُرع من التهجّد، وصلاة الوتر آخر الليل، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(قَالَ شُعْبَةُ) بن الحجّاج (ثُمَّ لَقِيتُهُ) أي سيّارًا (بَعْدُ) من الظروف المبنية على الضم؛ لقطعه عن الإضافة، ونية معناها، أي بعدما حَدَّثني بهذا الحديث على الوجه المذكور (فَسَأَلْتُهُ) أي عن صلاة الظهر، وكأن شعبة اكتفى عن سؤال وقت العشاء باللقاء الأول، وكأنه كان هو المطلوب بالسؤال في تلك الساعة، وفي اللقاء الثاني سأل عن وقت الظهر (فَقَالَ) أبو برزة (وَكَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يُصَلِّي الظّهْرَ) أي صلاة الظهر (حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ) أي تميل عن وسط السماء إلى جهة المغرب، وفيه إشارة إلى أنه كان يصلي الظهر في أول الوقت، ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد؛ لاحتمال أن يكون ذلك في زمن البرد، أو قبل الأمر بالإبراد، أو عند فقد شروط الإبراد؛ لأنه مختصّ بشدة الحرّ، أو لبيان الجواز.
وقد يَتَمَسَّك من قال: إن فضيلة أول الوقت لا تحصل إلا بتقديم ما يمكن تقديمه من طهارة، وسَتْر، وغيرهما قبل دخول الوقت، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولكن الذي يظهر أن المراد بالحديث التقريب، فتحصل الفضيلة لمن لم يتشاغل