تأخير بني أميّة الصلاة ما قد عُرِف، وشُوهد. انتهى (١).
(يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا") ظاهر هذا أنهم يخرجونها عن وقتها، وأصرح منه ما أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه من حديث عبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنها ستكون عليكم بعدي أمراء، تَشْغَلهم أشياء عن الصلاة لوقتها، حتى يذهب وقتها، فصَلُّوا الصلاة لوقتها. . . " الحديث.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد تأخيرها عن وقتها المختار، لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخِّرها أحد منهم عن جميع وقتها، فيجب حمل هذه الأخبار على ما هو الواقع. انتهى.
واعترض الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- على هذا في "الفتح"، فقال في شرح حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "لا أعرف شيئًا مما أدركت، إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضُيِّعَتْ"، ما نصُّه: قال المهلَّب: والمراد بتضييعها تأخيرها عن وقتها المستحب، لا أنهم أخرجوها عن الوقت، كذا قال، وتبعه جماعة، وهو مع عدم مطابقته للترجمة -يعني ترجمة البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بقوله: "باب تضييع الصلاة عن وقتها"- مخالف للواقع، فقد صحّ أن الحجاج، وأميره الوليد، وغيرهما كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة:
(منها): ما رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: أخر الوليد الجمعة حتى أمسى، فجئت، فصليت الظهر قبل أن أجلس، ثم صليت العصر، وأنا جالس، إيماءً، وهو يخطب. وإنما فعل ذلك عطاء خوفًا على نفسه من القتل.
(ومنها): ما رواه أبو نعيم شيخ البخاريّ في "كتاب الصلاة" من طريق أبي بكر بن عتبة، قال: صليت إلى جنب أبي جُحيفة، فمَسَّى الحجاج بالصلاة، فقام أبو جحيفة، فصلى.
ومن طريق ابن عمر: أنه كان يصلي مع الحجاج، فلما أخر الصلاة ترك أن يشهدها معه. ومن طريق محمد بن أبي إسماعيل، قال: كنت بمنى،