للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قول داود بن علي الظاهريّ، إلا أنه يرى الإعادة في الجماعة على من صلى وحده فرضًا، ولا يحتسب عنه بما صلى وحده (١)، وأما من صلى في جماعة، ثم أدرك جماعة أخرى، فالإعادة ههنا استحباب.

واختلف عن الثوريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فروي عنه: يعيد الصلوات كلها، كقول الشافعيّ، وروي عنه مثل قول مالك، ولا خلاف عنه أن الثانية تطوع.

وقال أبو ثور -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعيدها كلها إلا الفجر والعصر، إلا أن يكون في مسجد، فتقام الصلاة، فلا يخرج حتى يصليها، وحجته النهي عن صلاة النافلة بعد العصر، وبعد الصبح. انتهى كلام ابن عبد البر -رَحِمَهُ اللَّهُ- بالاختصار.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: أرجح المذاهب عندي مذهب الإمام الشافعي، وداود رحمهما اللَّه من إعادة جميع الصلوات، من غير استثناء شيء من الصلوات؛ لقوة دليله؛ حيث عمم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "فصلِّ مع الناس، وإن كنت قد صليت" من غير استثناء شيء، بل حديث يزيد بن الأسود في قصّة الرجلين، نصّ صريح في أن ذلك كان بعد الصبح.

وأن الصواب أيضًا كون الأولى هي الفريضة، والثانية هي النافلة؛ لما أسلفناه من الأدلة الواضحة، فتبصّر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٤٦٧] (. . .) - (حَدَّثَنَا (٢) يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ، يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ، فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا، كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً، وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ").


(١) وهذا يردّه ما صحّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما قال له رجل: أصلي معهم؟ قال: "نعم إن شئت"، فخيّره، فالحقّ أن الإعادة مستحبّة، فتبصّر.
(٢) وفي نسخة: "وحدّثنا".