للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن الأثير في "شرح المسند": لما كانت "تَفْضُل" بمعنى "تزيد"، وهي تتعدى بـ "على" أعطاها معناها، فعداها بها، وإلا فهي متعدية بنفسها، قال: وأما الذي في "صحيح مسلم": "أفضل من صلاة الفذّ"، فجاء بها بلفظ "أفعل" التي هي للتفضيل والتكثير في المعنى المشترك، وهي أبلغ من "تفضل" على ما لا يخفى. انتهى (١).

وقوله: (صَلَاةٌ) بالرفع على الفاعليّة، أي تزيد في الأجر والثواب صلاة الرجل (فِي الْجَمِيعِ) أي مع جماعة الناس، وفي نسخة: "صلاة في الجمع"، وفي أخرى: "صلاة الجميع" بالإضافة، والإضافة بمعنى "في"، لا بمعنى اللام، قاله العيني، وقال السنديّ: الإضافة لأدنى ملابسة، أي صلاة أحدكم مع الجماعة، أو بحذف المضاف، أي صلاة آحاد الجميع، وإلا فليس المطلوب تفضيل صلاة المجموع على صلاة الواحد، بل تفضيل صلاة الواحد على صلاته باعتبار الحالين. انتهى.

(عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ) فيه دليلٌ على أن صلاة المنفرد صحيحة، وفيه ردّ على من جعل الجماعة شرطًا في صحية الصلاة، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا (خَمْسًا وَعِشْرِينَ) وفي حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "سبعًا وعشرين درجةً"، فيُحْمَل على أنه أوحِيَ إليه أولًا بخمس وعشرين، ثم بسبع وعشرين، تفضلًا من اللَّه تعالى، حيث زاد درجتين، أو يُحْمَل على أن المراد بالعدد التكثير لا التحديد، وسيأتي تمام البحث فيه.

وقوله: (دَرَجَةً) تمييز العدد المذكور، وفي الروايات كلّها التعبير بـ "درجةً"، أو حذفُ التمييز، إلَّا طرُق حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، ففي بعضها "ضعفًا"، وفي بعضها "جزءًا"، وفي بعضها "درجةً"، وفي بعضها "صلاةً"، ووقع هذا الأخير في بعض طرق حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، والظاهر أن ذلك من تصرّف الرواة، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك من التفنّن في العبارة.

وأما قول ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما قال: "درجةً"، ولم يقل: جزءًا، ولا نصيبًا، ولا حظًّا، ولا نحو ذلك؛ لأنه أراد الثواب من جهة العلو والارتفاع،


(١) راجع: "عمدة القاري" ٥/ ١٦٦.