للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن تلك فوق هذه بكذا وكذا درجة؛ لأن الدرجات إلى جهة فوق، فكأنه بناه على أن الأصل لفظ "درجة"، وما عدا ذلك من تصرف الرواة، لكن نفيه ورود الجزء مردود، فإنه ثابت، وكذلك الضعف، فتنبّه.

(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ") فيه بيان مَزِيَّة صلاةِ الفجر جماعةً؛ حيث إن الملائكة تجتمع في وقتها، ومثلها صلاة العصر، كما تقدم في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر. . . " الحديث، متّفق عليه، فلذلك حَثَّ الشارعُ على المحافظة عليهما؛ ليكون من حضرهما تَرْفَعُ الملائكة عمله، وتشفع له.

(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه-، ظاهر هذا أنه من قول أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وليس من قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن أخرج الترمذيّ في "التفسير"، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: ٧٨] قال: "تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار"، قال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا ظاهر في كونه مرفوعًا إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ويُمكن أن يُجمع بينهما بأن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- كان تارةً يرفعه إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتارة يذكره عن نفسه، واللَّه تعالى أعلم.

(اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ) أي إن أردتم أن تعرفوا مصداق ذلك من كتاب اللَّه تعالى، فاقرؤوا هذه الآية ({وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}) بالنصب عطفًا على الصلاة، من قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]، أي وأقم قرآنَ الفجر، أو منصوب على الإغراء، أي وعليك قرآنَ الفجر، على رأي من يقول: إن أسماء الأفعال تَعْمَل مقدَّرةً، ويقدر على رأي غيرهم: الْزَمْ قرآنَ الفجر ({إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ}) أي صلاة الصبح، سميت قرآنًا، وهو القراءة؛ لأنها ركن منها، لا تجوز الصلاة إلَّا بها، كما سميت ركوعًا، وسجودًا، وقنوتًا؛ أي قيامًا، وإنما خص القراءة بالتسمية هنا للحثّ على تطويل القراءة فيها.

({كَانَ مَشْهُودًا}) أي محضورًا؛ تحضره الملائكة.

قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولا يخفى أن طائفة من الملائكة على البدلية تشهد الصلوات كلها، وكلتا الطائفتين لا يحضرون صلاة الفجر أو العصر بتمامهما