للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من عادته أنه يَستعمل الآثار في التراجم لتوضيحها، وتكميلها، وتعيين أحد الاحتمالات في حديث الباب.

وأثر الحسن وصله الحسين بن الحسن المروزيّ في كتاب "الصيام" بإسناد صحيح عن الحسن في رجل يصوم -يعني تطوعًا- فتأمره أمه أن يفطر، قال: فليفطر، ولا قضاء عليه، وله أجر الصوم، وأجر البر، قيل: فتنهاه أن يصلي العشاء في جماعة؟ قال: ليس ذلك لها، هذه فريضة.

وأما حديث الباب فظاهر في كونها فرض عين؛ لأنها لو كانت سنّة لم يهدَّد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ومن معه.

ويَحْتَمل أن يقال: التهديد بالتحريق المذكور يمكن أن يقع في حق تاركي فرض الكفاية كمشروعية قتال تاركي فرض الكفاية، وفيه نظر؛ لأن التحريق الذي قد يفضي إلى القتل أخص من المقاتلة؛ ولأن المقاتلة إنما تشرع فيما إذا تمالأ الجميع على الترك.

وإلى القول بأنها فرض عين ذهب عطاء، والأوزاعيّ، وأحمد، وجماعة من محدثي الشافعية، كأبي ثور، وابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان، وبالغ داود، ومن تبعه، فجعلها شرطًا في صحة الصلاة، وأشار ابن دقيق العيد إلى أنه مبني على أن ما وجب في العبادة كان شرطًا فيها، فلما كان الهم المذكور دالًا على لازمه، وهو الحضور، ووجوب الحضور دليلًا على لازمه، وهو الاشتراط، ثبت الاشتراط بهذه الوسيلة، إلَّا أنه لا يتم إلَّا بتسليم أن ما وجب في العبادة كان شرطًا فيها، وقد قيل: إنه الغالب.

ولما كان الوجوب قد ينفك عن الشرطية، قال أحمد: إنها واجبة غير شرط. انتهى.

وظاهر نص الشافعي أنها فرض كفاية، وعليه جمهور المتقدمين من أصحابه، وقال به كثير من الحنفية، والمالكية، والمشهور عند الباقين أنها سنة مؤكدة، وقد أجابوا عن ظاهر حديث الباب بأجوبة:

(منها): ما تقدم.

(ومنها): -وهو ثانيها-: ونقله إمام الحرمين، عن ابن خزيمة، والذي