للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نقول أقلّ ما تحصل به الجماعة محصل للتضعيف، ولا مانع من تضعيف آخر بسبب آخر، من كثرة الجماعة، أو شرف المسجد، أو بُعْد طريق المسجد، أو غير ذلك، قاله العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ.

٥ - (ومنها): ما قاله العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هل هذا الفضل المذكور للجماعة مقيَّد بكونها في المسجد، أو التضعيف حاصل بمطلق الجماعة، في أيّ موضع كانت؟، حَكَى صاحب "المفهم" فيه خلافًا، قال: والظاهر الإطلاق؛ لأن الجماعة هو الوصف الذي عُلِّق عليه الحكم.

قال العراقيّ: ولكن ظاهر الرواية المذكورة في "الصحيحين" في آخر الباب يقتضي التقييد بالمسجد؛ لما فيه من الإشارة إلى العلة، فإنه لما ذكر أنها تفضل بخمسة وعشرين ضعفًا، أو ببضع وعشرين درجةً قال: "وذلك أنه إذا توضأ، فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلَّا الصلاة. . . "، فذكر الحديث، فعَلَّل ما ذكر من الثواب أَوّلًا بما ذكره ثانيًا، وفيه الخروج إلى المسجد، وكذا قوله في أول الحديث: "تزيد على صلاته في بيته، وفي سوقه"، وربما كانت صلاته في بيته أو في سوقه جماعةً، فرَتَّب عليها الفضل بالتضعيف المذكور. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم صلاة الجماعة:

قال الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه": "باب وجوب صلاة الجماعة"، وقال الحسن: إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقةً عليه لم يطعها، ثم أورد حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي في الباب: "لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس. . . " الحديث.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا بَتّ الحكم في هذه المسألة، وكأن ذلك لقوة دليلها عنده، لكن أطلق الوجوب، وهو أعمّ من كونه وجوب عين، أو كفاية، إلَّا أن الأثر الذي ذكره عن الحسن يشعر بكونه يريد أنه وجوب عين؛ لما عُرف


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٣٠٠ - ٣٠١.
(٢) "طرح التثريب" ٢/ ٢٩٨ - ٢٩٩.