وأما محمد بن رُمْح، فقال ابنُ يونس: هو ثقةٌ ثبتٌ في الحديث، وكان أعلم الناس بأخبار البلد ووقْفِه، وكان إذا شَهِدَ في كتاب دار عَلم أهل البلد أنها طيبة الأصل، وذكره النسائيّ، فقال: ما أخطأ في حديث، ولو كَتَبَ عن مالك لأثبته في الطبقة الأولى من أصحاب مالك، وأثنى عليه غيرهما، والله أعلم.
وأما عبد الله بن وهب، فعلمه وورعه وزهده وحفظه وإتقانه وكثرة حديثه، واعتماد أهل مصر عليه، وإخبارهم بأن حديث أهل مصر وما والاها يدور عليه، فكله أمر معروف مشهور في كتب أئمة هذا الفنّ، وقد بلغنا عن مالك بن أنس - رضي الله عنه -، أنه لم يكتب إلى أحد، وعَنْوَنَهُ بالفقه إلا إلى ابن وهب - رَحِمَهُ اللهُ -.
وأما عمرو بن الحارث، فهو مفتي أهل مصر في زمنه، وقارئهم، قال أبو زرعة - رَحِمَهُ اللهُ -: لم يكن له نظير في الحفظ في زمنه، وقال أبو حاتم: كان أحفظ الناس في زمانه، وقال مالك بن أنس: عمرو بن الحارث دُرَّةُ الغَوَّاص، وقال: هو مرتفع الشان، وقال ابن وهب: سمعت من ثلاثمائة وسبعين شيخًا، فما رأيت أحفظ من عمرو بن الحارث - رَحِمَهُ اللهُ -، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ، نقلته برمّته، وإن كان جلّه تقدّم قريبًا؛ لكونه مجموعًا في محلّ واحد، فيكون أفيد، وأزيد، وأرسخ، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي الْخَيْرِ) مَرْثد بن عبد الله الْيَزَنيّ رحمه الله تعالى (أنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) رضي الله تعالى عنهما، وقد سبق في "شرح المقدّمة"(١) أن الأكثر في "العاص" أنه يأتي في كتب الحديث وغيرها بحذف الياء، وهي لغة قليلة، والفصيح كونه بإثباتها، ومثله "شدّاد بن الهاد"، و"ابن أبي الموال"، فتنبّه (يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا) تقدّم أنه لم يُعرف اسمه، ويقال: إنه أبو ذرّ - رضي الله عنه - (سَأَل رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟) قال النوويّ رحمه الله تعالى: قال العلماء رحمهم الله تعالى: إنما وقع اختلاف الجواب في خيرِ