للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكفر، فعلى هذا الذي خرج هو المؤمن الكامل، لا العاصي الذي يجوز إطلاق المنافق عليه مجازًا؛ لما دل عليه مجموع الأحاديث.

(ومنها): -وهو تاسعها-: ما ادّعاه بعضهم أن فرض الجماعة كانت في أول الإسلام لأجل سدّ باب التخلف عن الصلاة على المنافقين، ثم نُسخ، حكاه عياض، ويمكن أن يتقوى بثبوت نسخ الوعيد المذكور في حقهم، وهو التحريق بالنار، وكذا ثبوت نسخ ما تضمنه التحريق من جواز العقوبة بالمال، ويدل على النسخ الأحاديث الواردة في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ؛ لأن الأفضلية تقتضي الاشتراك في أصل الفضل، ومن لازم ذلك الجواز.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: وفيه نظر؛ إذ القول بالفرضية لا ينافي جواز صلاة المنفرد، إلَّا عند من يرى اشتراط الجماعة لصحة الصلاة، والمختار القول بفرضيتها دون اشتراطها للصحة، فتبصر، واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): -وهو عاشرها- أن المراد بالصلاة الجمعة، لا باقي الصلوات، ونصره القرطبيّ.

وتُعُقّب بالأحاديث المصرِّحة بالعشاء، وفيه بحث؛ لأن الأحاديث اختلفت في تعيين الصلاة التي وقع التهديد بسببها، هل هي الجمعة، أو العشاء، أو الفجر، أو العشاء والفجر معًا؟ فإن لم تكن أحاديث مختلفة، ولم يكن بعضها أرجح من بعض، وإلا وقف الاستدلال؛ لأنه لا يتم إلَّا إن تعيّن كونها غير الجمعة، أشار إليه ابن دقيق العيد، ثم قال: فليتأمل الأحاديث الواردة في ذلك. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد تأملتها، فرأيت التعيين ورد في حديث أبي هريرة، وابن أم مكتوم، وابن مسعود -رضي اللَّه عنهم-، فحديث الباب من رواية الأعرج عنه، يومئ إلى أنها العشاء لقوله في أَخره: "لَشَهِد العشاء"، وفي رواية مسلم: "يعني العشاء"، ولهما من رواية أبي صالح عنه أيضًا الإيماء إلى أنها العشاء والفجر، وعيّنها السرّاج في رواية له من هذا الوجه العشاء؛ حيث قال في صدر الحديث: "أخَّر العشاء ليلة، فخرج، فوجد الناس قليلًا، فغضب"، فذكر الحديث، وفي رواية ابن حبان من هذا الوجه: "يعني الصلاتين، العشاء