للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد حمله العلماء على أنه كان لا يشقّ عليه التصرف بالمشي وحده ككثير من العميان.

واعتمد ابن خزيمة وغيره حديث ابن أم مكتوم هذا على فرضية الجماعة في الصلوات كلها، ورجحوه بحديث الباب، وبالأحاديث الدالة على الرخصة في التخلف عن الجماعة، قالوا: لأن الرخصة لا تكون إلَّا عن واجب، وفيه نظر.

ووراء ذلك أمر آخر، ألزم به ابن دقيق العيد من يتمسك بالظاهر، ولا يتقيد بالمعنى، وهو أن الحديث ورد في صلاة معينة، فيدل على وجوب الجماعة فيها دون غيرها، وأشار للانفصال عنه بالتمسك بدلالة العموم، لكن نوزع في كون القول بما ذكر أولًا ظاهرية محضة، فإن قاعدة حمل المطلق على المقيد تقتضيه، ولا يستلزم ذلك ترك اتباع المعنى؛ لأن غير العشاء والفجر مظنة الشغل بالتكسب وغيره، أما العصران فظاهر، وأما المغرب فلأنها في الغالب وقت الرجوع إلى البيت، والأكل، ولا سيما للصائم، مع ضيق وقتها، بخلاف العشاء والفجر، فليس للمتخلف عنهما عذر غير الكسل المذموم، وفي المحافظة عليهما في الجماعة أيضًا الألفة بين المتجاورين في طرفي النهار، وليختموا النهار بالاجتماع على الطاعة، ويفتتحوه كذلك.

وقد وقع في رواية عجلان عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عند أحمد تخصيص التهديد بمن حول المسجد.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد أطلت في هذا الموضع لارتباط بعض الكلام ببعض، واجتمع من الأجوبة لمن لم يقل بالوجوب عشرة أجوبة، لا توجد مجموعة في غير هذا الشرح. انتهى كلامه -رضي اللَّه عنه-.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ما ذكره من حمل المطلق على المقيد غير صحيح؛ لأن قاعدة حمل المطلق على المقيد إنما تتمشى إذا لم يكن هناك دليل يمنع من ذلك، وهنا أدلة المنع ظاهرة، كحديث الأعمى المذكور، وكحديث: "من سمع النداء، فلم يأت، فلا صلاة له، إلَّا من عذر".

والحاصل أن القول بفرضية الجماعة هو الراجح، وما استدل به القائلون على عدم الفرضية قد عرفت ما فيها من الخدشات، فيما تقدم من كلام