للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحافظ -رضي اللَّه عنه-، وإن كان آخر كلامه يميل إلى رأيهم، لكنه ما ذكر حجة مقنعة لذلك، فتبصر.

ومن أدلة القائلين بالفرضية حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي في الباب: "لقد هممت. . . " الحديث.

ومنها: ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: أتى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أعمى، فقال: يا رسول اللَّه، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى، دعاه، وقال له: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فأجب".

ومنها: حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من سمع النداء، فلم يجب، فلا صلاة له، إلَّا من عذر"، أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح، وصححه الحاكم، على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (١).

ومنها: حديث ابن عباس، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم-، أنهما سمعا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول على أعواده: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات، أو ليختمن اللَّه على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين"، أخرجه ابن ماجه بإسناد صحيح، وأخرجه مسلم بلفظ "الجمعة".

فهذه النصوص تدلّ دلالة واضحة على فرضية الجماعة للصلوات المكتوبات.

وقد نقل عن جماعة من السلف ما يوافق النصوص المذكورة، فعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أنه رأى إنسانًا خرج من المسجد بعد النداء، فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم-"، رواه أبو داود، وروى مسلم نحوه.

وعن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، أنه قال: "حافظوا على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن. . . " الحديث.

وعن أبي موسى الأشعريّ -رضي اللَّه عنه- قال: "من سمع المنادي، فلم يجب من غير عذر، فلا صلاة له"، صححه الحاكم، ووافقه عليه الذهبي، وعن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- مثله.


(١) انظر: تعليق العلامة أحمد محمد شاكر على "المحلّى" ٤/ ١٩٠.