للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسلامه، وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده، كما ذُكِر مثله في علامة المنافق.

ويحتمل أن يكون المراد بذلك الإشارة إلى الحثّ على حسن معاملة العبد مع ربه؛ لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يُحسن معاملة ربه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى. انتهى (١).

وقال الطيبيّ رحمه الله تعالى: [فإن قلت]: إذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلمًا، وإن لم يأت بسائر الأركان؟.

[قلت]: هذا وارد على سبيل المبالغة تعظيمًا لترك الإيذاء، كأن ترك الإيذاء هو نفس الإسلام الكامل، وهو محصور فيه على الادّعاء.

قال: وتحقيقه أن التعريف في "المسلم" للجنس، قال ابن جني: من عادتهم أن يوقعوا على الشيء الذي يخصّونه بالمدح اسم الجنس، ألا ترى كيف سمّوا الكعبة بالبيت؟ وكتاب سيبويه بالكتاب؟.

وقال الراغب الأصفهانيّ: كلّ اسم نوع، فإنه يُستعمل على وجهين:

[أحدهما]: دلالةً على المسمّى، وفصلًا بينه وبين غيره.

والثاني: لوجود المعنى المختصّ به، وذلك هو الذي يُمدح به، وذلك أن كلّ ما أوجده الله في هذا العالم جعله صالِحًا لفعل خاصّ، ولا يصلح لذلك الفعل سواه، كالفرس للعَدْوِ الشديد، والبعير يقطع الفلاة البعيدة، والإنسان ليعلم ويَعْمَل بحسبه، وكلُّ شيء لم يوجد كاملًا لِمَا خُلِق له لم يستحقّ اسمًا مطلَقًا، بل قد يُنفى عنه، كقولهم: فلانٌ ليس بإنسان، أي لا يوجد فيه المعنى الذي خُلِق لأجله من العلم والعمل، فعلى هذا إذا وجدت مسلمًا يؤذي المسلمين بلسانه ويده، فقلت له: لست مسلمًا، عنيت أنك لست بكامل فيما تحلّيت به من حلية الإسلام، وهذا معنى قول محيي السنة: إن الإسلام يُنفَى عمن ليس بصفته.

[فإن قيل]: ما معنى تخصيص "المسلم" بالذكر، ثم "المسلمين"، ثم "اللسان واليد"؟.


(١) "فتح" ١/ ٦٩.