للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فائدة]: فيه من أنواع البديع تجنيس الاشتقاق، وهو كثير.

[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ من طريق الشعبيّ عن عبد الله بن عمرو من قوله: "والمهاجر من هاجر من نهى الله عنه".

والمهاجر بمعنى الهاجر، وإن كان لفظ الْمُفَاعِل يقتضي وقوع فعل من اثنين، ولكنه هنا للواحد، كالمسافر.

ويحتمل أن يكون على بابه؛ لأن مِن لازم كونه هاجرًا وطنَهُ مثلًا أنه مهجور من وطنه.

وهذه الهجرة ضربان: ظاهرةٌ وباطنةٌ، فالباطنة تركُ ما تدعو إليه النفس الأمّارة بالسوء والشيطان، والظاهرة الفِرَار بالدين من الفتن، وكأنّ المهاجرين خوطبوا بذلك؛ لئلا يَتَّكِلوا على مجرد التحول من دارهم، حتى يمتثلوا أوامر الشرع ونواهيه.

ويحتمل أن يكون ذلك قيل بعد انقطاع الهجرة لَمّا فُتحت مكة؛ تطييبًا لقلوب مَن لم يُدرِك ذلك، بل حقيقة الهجرة تَحصُل من هجر ما نهى الله عنه.

فاشتملت هاتان الجملتان على جوامعَ من معاني الحكم والأحكام.

وزاد ابنُ حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" من حديث أنس - رضي الله عنه -: "والمؤمن من أَمِنَهُ الناس".

وأخرج ابن حبان في "صحيحه" من طريق الشعبيّ أيضًا، قال: سمعت عبد الله بن عمرو، ورب هذه الْبَنِيَّة - يعني الكعبة - يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المهاجر من هَجَرَ السيئات، والمسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده" (١).

وأخرجه ابن منده من طريق الشعبي أيضًا قال: سمعت عبد الله بن عمرو، يقول: ورب هذه البنية لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المهاجر من هَجَرَ السيئات، والمسلم مَن سَلِمَ الناس من لسانه ويده" (٢).

قال في "الفتح": والمراد بالناس هنا المسلمون، فهم الناس حقيقةً عند


(١) راجع: "صحيح ابن حبان" ١/ ٤٢٤ - ٤٢٥ رقم (١٩٦).
(٢) راجع: "الإيمان" لابن منده ١/ ٤٥١ رقم (٣١٣).