للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَجُلٌ أَعْمَى) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الأعمى هو ابن أم مكتوم، جاء مفسَّرًا في "سنن أبي داود" وغيره. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ويَحْتَمِل أن يكون غيره، واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ) الضمير للشأن، أي إن الأمر والشأن (لَيْسَ لِي قَائِدٌ) اسم فاعل من قال، يقال: قال الرجلُ الفرسَ يقودها قَوْدًا، من باب قال، وقِيَادًا بالكسر، وقيادةً، قال الخليل: القود أن يكون الرجل أمام الدابّة آخذًا بقيادها، والسَّوق أن يكون خلفها، فإن قادها لنفسه قيل: اقتادها، قاله في "المصباح" (١).

وفي "المرعاة": القائد هو الذي يُمسك يد الأعمى، ويأخذه، ويذهب به حيث شاء، ويجُرّه، من الْقَوْد، وهو ضدّ السَّوق، فهو من أمام، وذاك من خلف. انتهى (٢).

(يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ) إن كان الأعمى هو ابن أم مكتوم -رضي اللَّه عنه-، فالمراد قائد يلائمه ويرفُقُ به، ففي رواية لأبي داود: "ولي قائد لا يلائمني"، وإن كان غيره، فيَحْتَمِل أنه لا يجد من يقوده أصلًا (فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ) أي يُسَهِّل عليه في التأخر عن الصلاة جماعةً في المسجد (فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ) إما جماعةً أو منفردًا (فَرَخَّصَ لَهُ) في ذلك، وفي رواية النسائيّ: "فأَذِنَ له" (فَلَمَّا وَلَّى) أي أدبر ذلك الأعمى عن مجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَرِحًا بترخيصه له فيما طلب (دَعَاهُ) أي ناداه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَقَالَ: "هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟ ") أي التأذين، وفي حديث ابن أم مكتوم عند النسائيّ: "هل تسمع حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح؟ " (قَالَ) الأعمى (نَعَمْ) أي أسمع ذلك (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("فَأَجِبْ") أمر من الإجابة، وعند النسائيّ في "الكبرى": "فأجبه"، والفاء فصيحية، أي فإذا كنت تسمع النداء بالصلاة، فأجب بالفعل، وفي حديث ابن أمّ مكتوم المذكور: "فحي هلا"، أي فأقبل إلى الصلاة.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥١٨.
(٢) "المرعاة" ٣/ ٤٨٧.