للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإنما خصّ صلاة الصبح بالذكر؛ لما فيها من الْكُلْفَة والمشقّة، وأداؤها مظنّة خلوص الرجل، ومَئِنّة إيمانه، ومن كان مؤمنًا خالصًا، فهو في ذمّة اللَّه تعالى وعهده. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ مفيد، واللَّه تعالى أعلم.

(فَيُدْرِكَهُ) بضمّ أوله، وكسر ثالثه، من الإدراك، وهو منصوب؛ لوقوعه بعد الفاء السببيّة، كما في قوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: ٣٦]، قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ … مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ

والضمير المنصوب لـ "شيء" (فَيَكُبَّهُ) بفتح أوله، وضمّ ثالثه، أي يقلبه على وجهه، يقال: كَبَبتُ الإناء كَبًّا، من باب نصر: قَلَبتُهُ على رأسه، وكَبَبتُ زيدًا كَبًّا أيضًا: ألقيته على وجهه، فأكبّ هو بالألف، وهو من الأفعال النوادر التي يتعدّى ثلاثيّها، ويلزم رباعيّها، وفي التنزيل العزيز: {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: ٩٠]، {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} [الملك: ٢٢]، أفاده الفيّوميّ (٢).

والضمير المنصوب لـ "شيء" أيضًا على حذف مضاف، أي صاحبه، وقوله: (فِي نَارِ جَهَنَّمَ") متعلّق بـ "يكبّه وفي الرواية التالية: "فلا يطلبنّكم اللَّه من ذمّته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمّته بشيء يُدْركه، ثم يكُبّه على وجهه في نار جهنّم"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جندب بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنف) هنا [٤٧/ ١٤٩٤ و ١٤٩٥ و ١٤٩٦] (٦٥٧)، و (الترمذيّ) في "الصلاة" (٢٢٢)، و (ابن ماجه) في "الفتن" (٣٩٤٦)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (٩٣٨)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (١٦٨٣ و ١٦٨٤)،


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٣/ ٨٩٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٢٣.