للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ) أي القول بأنه منافقٌ (أَلَا) أداة استفتاح، وتنبيه (تَرَاهُ قَدْ قَالَ) وللطيالسيّ: "أما يقول": (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وفي رواية أنس الماضية في "الإيمان": "أليس يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه وقوله: (يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ؟ ") وفي نسخة: "يبتغي بذلك وجه اللَّه"، أراد به أنه مخلص في إيمانه، وهذا شهادة من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجل بإيمانه باطنًا، وبراءته من النفاق، قاله في "العمدة" (١).

وقال في "الفتح": وكأنهم فَهِمُوا من هذا الاستفهام أن لا جزم بذلك، ولولا ذلك لم يقولوا في جوابه: "إنه ليقول ذلك، وما هو في قلبه"، كما وقع عند مسلم، في "الإيمان" من طريق أنس، عن عتبان. انتهى.

(قَالَ) عتبان (قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) أي بحقيقة ذلك، وموافقة شهادته بلسانه لما في قلبه من التصديق (قَالَ) عتبان: قالوا أيضًا (فَإِنَّمَا نَرَى وَجْهَهُ) أي توجهه (وَنَصِيحَتَهُ لِلْمُنَافِقِينَ) وفي رواية البخاريّ: "ونصيحته إلى المنافقين" بـ "إلى" بدل اللام، فقال الكرمانيّ: فإن قلت: يقال: نصحت له، لا إليه، ثم أجاب عنه بقوله: قد ضُمِّنَ معنى الانتهاء، وقال الحافظ: كذا قال، والظاهر أن قوله: "إلى المنافقين" متعلق بقوله: "وجهه"، فهو الذي يتعدى بـ "إلى"، وأما متعلق "نصيحته" فمحذوف؛ للعلم به. انتهى.

وتعقّب العينيّ كلام الكرمانيّ والحافظ المذكور بما هو راجع إلى ما قالاه (٢)، فتأمّله بالإنصاف، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(قَالَ) عتبان (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ) المراد من التحريم هنا تحريم التخليد؛ جمعًا بينه وبين ما ورد من دخول أهل المعصية فيها، وتوفيقًا بين الأدلة (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) أي مع "محمد رسول اللَّه"، من باب الاكتفاء، وقد تقدّم في "كتاب الإيمان" مصرّحًا به، ولفظه: "لا يشهد أحد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه، فيدخلَ النار" (يَبْتَغِي) أي يطلب (بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ") فيه ردّ على المرجئة الغُلاة القائلين بأنه يكفي في الإيمان النطق فقط، من غير اعتقاد.


(١) "عمدة القاري" ٤/ ٢٥٠.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٤/ ٢٥٠.