للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد تقدّم لمسلم في "كتاب الإيمان"، وسمعه أبو بكر بن أنس مع أبيه من عتبان، أخرجه الطبرانيّ، أفاده في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: حديث عتبان بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تخريجه، وبيان مسائله، في "كتاب الإيمان" (٢)، وإنما أذكر مسألتين:

(المسألة الأولى): في إتمام الفوائد التي تتعلّق بهذا الحديث التي تقدّم ذكر معظمها في "كتاب الإيمان":

١ - (فمنها): أن في هذا الحديث بيان ما كان عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من حسن الخلق، وجميل الأدب في إجابته كلَّ من دعاه إلى ما دعاه إليه، ما لم يكن إثمًا (٣).

٢ - (ومنها): أنه يُستحبّ لمن قال: سأفعل كذا أن يقول: "إن شاء اللَّه"؛ لآية: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الآية، ولهذا الحديث.

٣ - (ومنها): مشروعيّة الاستئذان على الرجل في منزله، وإن كان صاحبه قد تقدّم منه استدعاء.

٤ - (ومنها): أنه يُستحبّ لأهل المحلّة وجيرانهم إذا ورد رجل عالم إلى منزل بعضهم أن يجتمعوا إليه، ويحضروا مجلسه؛ لزيارته وإكرامه، والاستفادة منه.

٥ - (ومنها): بيان أنه لا يُخلَّد في النار من مات على التوحيد (٤).

٦ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا الحديث: استحباب اتخاذ آثار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ومواضع صلواته مصلى يصلى فيه، وقد ذكر ابن سعد، عن الواقديّ، أن بيت عتبان الذي صلى فيه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي فيه الناس بالمدينة إلى يومه ذاك.

وبشهد لهذا المعنى -أيضًا-: قول عمر -رضي اللَّه عنه- للنبي-صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا نتخذ من مقام إبراهيم مصلى؟ فَنَزَلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥].


(١) "الفتح" ١/ ٦٢٢.
(٢) راجع: ١/ ٦٨٦ - ٦٨٩.
(٣) "الاستذكار" ٢/ ٣٦٢.
(٤) "شرح النووي" ٥/ ١٦١.