للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدعاء للصلاة، ولهذا صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديث، والظاهر أن قصد مليكة من دعوتها كان للصلاة، ولكنها جعلت الطعام مقدمة لها.

وقوله: وهذا هو السر. . إلخ فيه نظر؛ لأنه يَحْتَمِل أن الطعام كان قد حضر، وتهيأ في دعوة مليكة، والطعام إذا حضر لا يؤخر، فيقدَّم على الصلاة، وبدأ بالصلاة في قصة عتبان، لعدم حضور الطعام. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي ردّ به العينيّ على الحافظ غير صحيح؛ فإن ظاهر الحديثين صريح فيما قاله الحافظ، ففي حديث أنس -رضي اللَّه عنه- قال: "إن جدته مليكة دعت رسول اللَّه لطعام"، وهذا صريح في كون الدعوة للطعام، وفي حديث عتبان -رضي اللَّه عنه- قال: "وددت يا رسول اللَّه أن تأتيني فتصلي في بيتي مكانًا أتخذه مصلى" وهذا صريح في كون الدعوة للصلاة، فما أبداه الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- رأي معقول، واستنباط مقبول، فتبصّر، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(صَنَعَتْهُ) جملة فعلية في محل جر صفة لـ "طعام"، ولفظ البخاريّ: "صنعته له"، وللنسائيّ: "قد صنعته له" (فَأَكَلَ مِنْهُ) أي أكل -صلى اللَّه عليه وسلم- بعض ذلك الطعام (ثُمَّ قَالَ) بعد الأكل ("قُومُوا) قال في "الفتح": استُدِلّ به على ترك الوضوء مما مست النار؛ لكونه صلى بعد الطعام، وفيه نظر؛ لرواية الدارقطنيّ السابقة، ففيها: "ثم دعا بوَضُوء، فتوضأ. . ." الحديث.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: لكن ترك الوضوء مما مست النار، له أدلّة صحيحةٌ صريحةٌ، قد تقدم البحث عنها مُستَوْفًى في موضعها من "كتاب الطهارة"، فراجعه تزدد علمًا، وباللَّه تعالى التوفيق.

(فَأُصَلِّيَ لَكُمْ") أي لأجلكم، وقوله: "فلأصلي" هكذا وقع في معظم النسخ، وعليه فـ "أصليَ" منصوب بـ "أن" مضمرة وجوبًا بعد الفاء السببيّة الواقعة في جواب الأمر، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْيٍ أَوْ طَلَبْ … مَحْضَيْنِ "أَنْ" وَسَتْرُهُ حَتْمٌ نَصَبْ

ووقع في نسخة شرح النوويّ بلفظ: "فلأصلِّ لكم"، وعليه فهو مجزوم


(١) "عمدة القاري" ٤/ ١١١.