للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الفيّوميّ: والحصير: الباريّةُ، وجمعها حُصُر، مثلُ بَرِد وبُرُد، وتأنيثها بالهاء عاميّ. انتهى (١).

وقوله: (لَنَا) الجار والمجرور متعلِّق بمحذوف صفة لـ "حصير"، وقوله: (قَدِ اسْوَدَّ) جملة في محل جر صفة بعد صفة لـ "حصير"، أو في محل نصب على الحال منه.

(مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ) "ما" مصدرية و"لُبِسَ" بالبناء للمفعول، صلتها، أي من طول لبسه، وهو كناية عن كثرة استعماله.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: احتَجّ بقوله: "من طول ما لُبِس" أصحاب مالك في المسألة المشهورة بالخلاف، وهي إذا حلف لا يلبس ثوبًا، ففرشه، فعندهم يَحْنَث، وأجاب أصحابنا -يعني الشافعيّة- بأن لُبْس كل شيء بحسبه، فحملنا اللبس في الحديث على الافتراش؛ للقرينة، ولأنه المفهوم منه، بخلاف مَن حلف لا يلبس ثوبًا، فإن أهل العرف، لا يفهمون من لبسه الافتراش. انتهى.

وقال في "الفتح": فيه أن الافتراش يسمى لبسًا، وقد استُدِلّ به على منع افتراش الحرير؛ لعموم النهي عن لبس الحرير، ولا يَرِدُ على ذلك أن من حلف لا يلبس حريرًا، فإنه لا يحنث بالافتراش؛ لأن الأيمان مبناها على العرف. انتهى (٢).

وقد اعتَرَض العينيّ على كلام الحافظ هذا بما لا يُسَلَّم له، فتبصر (٣).


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٣٨ - ١٣٩.
(٢) "الفتح" ١/ ٥٨٤.
(٣) عمدة القاري ٤/ ١١١ حيث قال: وليس ههنا لُبِس، من لَبستُ الثوبَ، وإنما هو من قولهم: لَبِست امرأة، أي تمتعت بها زمانًا، فحينئذ يكوَن معناه: قد اسوَدّ من كثرة ما تُمُتِّع به طولَ الزمان، ومن هذا يظهر لك بطلان قول بعضهم -يعني الحافظ ابن حجر- وقد استُدِلّ به على منع افتراش الحرير؛ لعموم النهي عن لبس الحرير، وقصد هذا القائل الغمز فيما قال أبو حنيفة، من جواز افتراش الحرير، وتوسُّده، ولكن الذي يُدرك دقائق المعاني، ومدارك الألفاظ العربية يعرف ذلك، ويُقِرّ بأن أبا حنيفة لا يذهب إلى شيء سُدًى. انتهى كلام العينيّ.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله العينيّ مجرّد تحامل، وتعضب، فإن تفسيره للبس بالتمتّع إن صحّ كما زعمه لغةً ليس معارضًا لما قاله الحافظ، فإنه =