للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ) من النَّضْح، وهو الرّشّ، وهذا النضح يَحْتَمِل أن يكون لتليين الحصير، أو لتنظيفه، ولا يصح الجزم بالأخير، بل المتبادر غيره؛ لأن الأصل الطهارة، قاله في "الفتح" (١).

وقال القرطبيّ: قال إسماعيل بن إسحاق: إنما نضحه ليلين، وليتوطّأ للصلاة، والأظهر قول غيره: إن ذلك إما لنجاسة متيقَّنَةٍ، فيكون النضح هنا غسلًا، أو متوقَّعَة؛ لامتهانه طول افتراشه، فيكون رشًّا لزوال الشكّ وتطييب النفس، وهذا هو الأليق، لا سيّما وقد كان عندهم أبو عُمير أخو أنس طفلًا صغيرًا حينئذ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "والأظهر إلخ" فيه نظرٌ، بل الأظهر ما قاله إسماعيل؛ لأن الأصل الطهارة كما قال في "الفتح"، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَصَفَفْتُ أَنَا) أتى بكلمة "أنا" لأجل العطف على ضمير الرفع المتصل، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":

وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ … عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ

أَوْ فَاصِلٍ مَّا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ … فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ

وقوله: (وَالْيَتِيمُ) يجوز فيه الرفع والنصب، أما الرفع فعلى العطف على الضمير المتصل الفاعل، وأما النصب فعلى كون الواو واو المعية، والرفع أرجح؛ لوجود الفصل بالضمير.

وقد وقع عند البخاريّ في رواية المستملي، والحمويّ: "وصففت واليتيم" بدون الضمير المنفصل، وعليه يكون النصب أرجح؛ لكون العطف على الضمير المتصل بلا فاصل ضعيفًا.


= فسّره بالأعمّ، فيدخل على قوله جميع أنواع التمتّع، إلا ما استُثني شرعًا، كإباحة لبسه للحكّة مثلًا، فيحرُم الالتحاف به، والاتّزار، والارتداء، والاشتمال، والافتراش، وجميع أنواع انتفاع الرجال به، إلا ما أُبيح لهم شرعًا، كالانتفاع بالبيع، والصدقة، ونحو ذلك، فلم يكن لدفاع العينيّ معنًى، فتبضر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(١) ١/ ٥٨٥.
(٢) "المفهم" ٢/ ٢٨٦.