إمامة النساء للنساء والرجال جملة، وحُكي عنهما إجازة ذلك في التراويح إذا لم يوجد قارئ غيرها، واختُلف في إمامتها للنساء، فذهب مالك، وأبو حنيفة، وجماعة من العلماء إلى منع إمامتها للنساء، وأجاز ذلك الشافعيّ، وفيه رواية شاذّة عن مالك. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأرجح جواز إمامة النساء لأهل دارها؛ فقد أخرج أحمد، وأبو داود بإسناد حسن عن أم ورقة بنت عبد اللَّه بن الحارث الأنصاري -رضي اللَّه عنها-، وكانت قد جَمَعَت القرآن، وكان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أمرها أن تؤم أهل دارها، وكان لها مؤذِّن، وكانت تؤم أهل دارها، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
١٧ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "قد اسودّ من طول ما لُبِس يدلّ على أن لبس كل شيء بحسبه، فلبس الحصير هو بسطه، واستعماله في الجلوس عليه.
واستَدَلّ بذلك مَن حَرّم الجلوس على الحرير وافتراشه؛ لأن افتراش فرش الحرير وبسطه لباس له، فيدخل في نصوص تحريم لباس الحرير.
وزعم ابن عبد البر: أن هذا يؤخذ منه أن مَن حَلَف لا يلبس ثوبًا، وليس له نية ولا ليمينه سبب، فإنه يحنث بما يتوطأ ويبسط من الثياب؛ لأن ذلك يسمى لباسًا.
وهذا الذي قاله فيه نظر؛ فإن اللبس المضاف إلى الثوب إنما يراد به اشتمال البدن أو بعضه به دون الجلوس عليه، بخلاف اللبس إذا أضيف إلى ما يجلس عليه ويُفْتَرش، أو أُطلق ولم يضف إلى شيء، كما لو حلف لا يلبس شيئًا، فجلس على حصير، أو حلف لا يلبس حصيرًا فجلس عليه.
ولو تعلق الحنث بما يسمى لباسًا بوجه ما، لكان ينبغي أن يحنث بمضاجعة زوجته وبدخول الليل عليه؛ قال تعالى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة: ١٨٧] وقال: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠)} [النبأ: ١٠].