وكل ما لابس الإنسان من جوع أو خوف فهو لباس؛ قَالَ تعالى:{فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}[النحل: ١١٢].
ولا نعلم خلافًا أنه لو حلف لا يجلس على بساط، فجلس على الأرض لم يحنث، وقد سمّاها اللَّه بساطًا، وكذلك لو حلف لا يجلس تحت سقف فجلس تحت السماء، وقد سمى اللَّه السماء سقفًا، وكذلك لو حلف لا يجلس في ضوء سراج فجلس في ضوء الشمس.
فإن هذه الأسماء غير مستعملة في العرف، والأيمان إنما تنصرف إلى ما يتعارفه الناس في مخاطباتهم دون ما يصدق عليه الاسم بوجه ما في اللغة على وجه التجوز، واللَّه أعلم.
وإنما قال أصحابنا -يعنى الحنبليّة-: لو حلف لَيَرَيَنّ امرأته عاريةً لابسةً أنه يَبَرُّ برؤيتها في الليل عاريةً؛ لأن جمعه بين عُرْيها ولُبْسها قرينة تدلّ على أنه لم يُرِد لبسها لثيابها؛ فإن ذلك لا يجتمع مع عريها. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحثٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الصلاة على الحصير، والْخُمْرة، ونحو ذلك:
ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الصلاة على الحصير، والسجود عليه، وأن ذلك لا يكره إذا كان الحصير من جريد النخل أو نحوه مما ينبت من الأرض.
وممن رُوي عنه أنه صلى على الحصير: ابن عمر، وزيد بن ثابت، وجابر، وأبو ذر.
وقال النخعيّ: كانوا يصلون على الحصير والبوري.
وقال مجاهد: لا بأس بالصلاة على الأرض وما أنبتت.
ومذهب مالك: لا بأس أن يسجد على الخمرة والحصير وما تنبت الأرض، ويضع كفيه عليها، والسجود على الأرض أفضل عنده، وعند كثير من العلماء. .