عن أبيه، عن جده، قال: قلت لعائشة: يا أم المؤمنين، إن أناسًا يصلون على هذه الحصر، ولم أسمع اللَّه يذكرها في القرآن، إلا في مكان واحد:{لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}[الإسراء: ٨]، أفكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على الحصير؟ قالت: لم يكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على الحصير.
قال ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا غريب جدًا.
ويزيد بن المقدام، قال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وأخرج الإمام أحمد: ثنا عثمان بن عمر، ثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي على خمرة، فقال:"يا عائشة، ارفعي حصيرك، فقد خشيت أن يكون يفتن الناس".
قال ابن رجب: وهذا غريب جدًا، ولكنه اختلف فيه على يونس:
فرواه مُفَضَّل بن فَضَالة، عن يونس، عن الزهري، عن أنس، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي على الخمرة، يسجد لها.
ورواه شبيب بن سعيد، عن يونس، عن الزهري - مرسلًا.
ورواه ابن وهب في "مسنده" عن يونس، عن الزهري، قال: لم أزل أسمع أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على الخمرة، وعن أنس بن مالك، قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي على الخمرة ويسجد لها، فرواه بالوجهين جميعًا.
وأما رواية عثمان بن عمر، عن يونس، فالظاهر أنها غير محفوظة، ولا تعرف تلك الزيادة إلا فيها، هكذا ذكر هذا البحث كلّه الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح البخاريّ"(١)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن مما سبق أن الحقّ جواز الصلاة على الحصير ومثله ما في معناه مما يُفرش، سواء كان مأخوذًا من حيوان، أو نبات، بلا كراهة؛ لحديث الباب وغيره، وهذا إذا لم يكن عليه ما يَشْغَلُ المصلّي، ويُلهيه عن صلاته، من نقش أو غيره، وإلا فيُكره؛ لحديث الخميصة، فقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني